ومنهم من قال : إنها ليلة النصف من شعبان ؛ وهو باطل لأن الله تعالى قال في كتابه الصادق القاطع :﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ] فنصّ على أن ميقات نزوله رمضان، ثم عيّن من زمانه الليل هاهنا بقوله :﴿ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾ ؛ فمن زعم أنه في غيره فقد أعظم الفِرْية على الله، وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعوّل عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها فلا تلتفتوا إليها.
الزمخشِريّ :"وقيل يبدأ في استنساخ ذلك من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة ويقع الفراغ في ليلة القدر ؛ فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل، ونسخة الحروب إلى جبريل، وكذلك الزلازل والصواعق والخسف ؛ ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا وهو مَلَك عظيم ؛ ونسخة المصائب إلى ملك الموت.
وعن بعضهم : يعطي كل عامل بركات أعماله ؛ فيلقي على ألسنة الخلق مدحه، وعلى قلوبهم هيبته.
وقرىء "نفرق" بالتشديد، و "يَفْرق" كلٌّ على بنائه للفاعل ونصب "كل"، والفارق الله عز وجل.
وقرأ زيد بن عليّ رضي الله عنه "نفرق" بالنون.
﴿ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ كل شأن ذي حكمة ؛ أي مفعول على ما تقتضيه الحكمة".
قوله تعالى :﴿ أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ ﴾ قال النقاش : الأمر هو القرآن أنزله الله من عنده.
وقال ابن عيسى : هو ما قضاه الله في الليلة المباركة من أحوال عباده.
وهو مصدر في موضع الحال.
وكذلك ﴿ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ﴾ وهما عند الأخفش حالان ؛ تقديرهما : أنزلناه آمرين به وراحمين.
المبرد :"أمراً" في موضع المصدر، والتقدير : أنزلناه إنزالاً.
الفراء والزجاج :"أمراً" نصب ب "يُفْرَق"، مثل قولك "يفرق فرقاً" فأمر بمعنى فرق فهو مصدر، مثل قولك : يضرب ضرباً.
وقيل :"يفرق" يدلّ على يؤمر، فهو مصدر عمل فيه ما قبله.
"إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ.
رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ" قال الفراء :"رَحْمَةً" مفعول ب "مرسِلِين".


الصفحة التالية
Icon