والمراد بإنزاله في تلك الليلة إنزاله فيها جملة إلى السماء الدنيا من الولح فالإنزال المنجم في ثلاث وعشرين سنة أو أقل كان من السماء الدنيا وروي هذا عن ابن جرير وغيره، وذكر أن المحل الذي أنزل فيه من تلم السماء البيت المعمور وهو مسامت للكعبة بحيث لو نزل لنزل عليها.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه قال : نزل القرآن جملة على جبريل عليه السلام وكان جبريل عليه السلام يحجيء به بعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال غير واحد : المراد ابتداء إنزاله في تلك الليلة على التجوز في الطرف أو النسبة واستشكل ذلك بأن ابتداء السنة المحرم أو شهر ربيع الأول لأنه ولد فيه ﷺ ومنه اعتبر التاريخ في حياته عليه الصلاة والسلام إلى خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وهو الأصح، وقد كان الوحي إليه ﷺ على رأس الأربعين سنة من مدة عمره عليه الصلاة والسلام على المشهور من عدة أقوال فكيف يكون ابتداء الإنزال في ليلة القدر من شهر رمضان أو في ليلة البراءة من شعبان.
وأجيب بأن ابتداء الوحي كان مناماً في شهر ربيع الأول ولم يكن بأنزال شيء من القرآن والوحي يقظة من الإنزال كان في يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من شهر رمضان، وقيل لسبع منه، وقيل لأربع وعشرين ليلة منه، وأنت تعلم كثرة اختلاف الأقوال في هذا المقام فمن يقول باتبداء أنزاله في شهر يلتزم منها ما لا يأباه.
واختلف في أول ما نزل منه، ففي "صحيح مسلم" أنه ﴿ يا أَيُّهَا المدثر ﴾ [ المدثر : ١ ] وتعقبه النووي في شرحه فقال : إنه ضعيف بل باطل والصواب أن أول ما نزل على الأطلاق ﴿ اقرأ باسم رَبّكَ ﴾ [ العلق : ١ ] كما صرح به في حديث عائشة، وأما ﴿ رَّحِيمٌ يا أَيُّهَا المدثر ﴾ فكان نزولها بعد فترة الوحي كما صرح به في رواية الزهري عن أبي سلمة.
عن جابر.


الصفحة التالية
Icon