وكونها مؤكدة غير متأت مع الوصفية كما لا يخفى على ذي الذهن السليم، وهو على هذه الأوجه واحد الأمور وجوز أن يراد به الأمر الذي هو ضد النهي على أنه واحد الأوامر فحينئذٍ يكون منصوباً على المصدرية لفعل مضمر من لفظه أي أمرنا أمراً من عندنا، والجملة بيان لقوله سبحانه :﴿ يُفْرَقُ ﴾ [ الدخان : ٤ ] الخ، وقيل : إما أن يكون نصباً على المصدرية ليفرق لأن كتب الله تعالى للشيء إيجابه وكذلك أمره عز وجل به كأنه قيل : يؤمر بكل شأن مطلوب على وجه الحكمة أمراً فالأمر وضع موضع الفرقان المستعمل بمعنى الأمر، وإما أن يكون على الحالية من فاعل ﴿ أَنزَلْنَا ﴾ [ الدخان : ٣ ] أو مفعوله أي إنا أنزلناه آمرين أمراً أو حال كون الكتاب أمراً يجب أن يفعل ؛ وفي جعل الكتاب نفس الأمر لاشتماله عليه أيضاً تجوز فيه فخامة، وتعقب ذلك في "الكشف" فقال : فيه ضعف للفصل بالجملتين بين الحال وصاحبها على الثاني ولعدم اختصاص الأوامر الصادرة منه تعالى بتلك الليلة على الأول.
ووجهه أن تخص بالقرآن ولا يجعل قوله تعالى :﴿ فِيهَا يُفْرَقُ ﴾ علة للإنزال في الليلة بل هو تفصيل لما أجمل في قوله سبحانه :﴿ إِنَّا أنزلناه فِى لَيْلَةٍ مباركة ﴾ [ الدخان : ٣ ] على معنى فيها أنزل الكتاب المبين الذي هو المشتمل على كل مأمور به حكيم كأنه جعل الكتاب كله أمراً أو ما أمر به كل المأمورات وفيه مبالغة حسنة، ولا يخفى أن في فهمه من الآية تكلفاً.
وقال الخفاجي في أمر الفصل : إنه لا يضر ذلك الفاصل على الاعتراض وكذا على التعليل لأنه غير أجنبي.
وجوز بعضهم على تقدير أن يراد بالأمر ضد النهي كونه مفعولاً له والعامل فيه ﴿ يُفْرَقُ ﴾ أو ﴿ أَنزَلْنَا ﴾ أو ﴿ مُّنذِرِينَ ﴾.
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما ﴿ أَمْرٍ ﴾ بالرفع وهي تنصر كون انتصابه في قراءة الجمهور على الاختصاص لأن الرفع عليه فيها.