وقوله تعالى ﴿ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦) ﴾
تعليل ليفرق أو لقوله تعالى :﴿ أَمْراً مّنْ عِنْدِنَا ﴾ ورحمة مفعول به لمرسلين وتنوينها للتفخيم، والجار والمجرور في موضع الصفة لها، وإيقاع الإرسال عليها هنا كإيقاعه عليها في قوله سبحانه :﴿ مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ﴾ [ فاطر : ٢ ] والمعنى على ما في "الكشاف" يفصل في هذه الليلة كل أمر لأن من عادتنا أن نرسل رحمتنا وفصل كل أمر من قسمة الأرزاق وغيرها من باب الرحمة أي أن المقصود الأصلي بالذات من ذلك الرحمة أو تصدر الأوامر من عندنا لأن من عادتنا ذلك والأوامر الصادرة من جهته تعالى من باب الرحمة أيضاً لأن الغاية لتكليف العباد تعريضهم للمنافع، وفيه كما قيل إشارة إلى أن جعله تعليلاً لقوله سبحانه : أمراً من عندنا إنما هو على تقدير أن يراد بالأمر مقابل النهي وهو يجري على تقديري المصدرية والحالية.
وفي "الكشف" أن قوله : يفصل الخ أو تصدر الأوامر الخ تبيين لمعنى التعليل على التفسيرين في ﴿ يُفْرَقُ ﴾ [ الدخان : ٤ ] لأنه أما بمعنى الفصل على الحقيقة من قسمة الأرزاق وغيرها أو بمعنى يؤمر والشأن المطلوب يكون مأموراً به لا محالة فحاصله يرجع إلى قوله : أو تصدر الأوامر من عندنا لا لوجهي التعليل من تعلقه بيفرق أو بأمراً فإن تعلقه بأمراً إنما يصح إذا نصب على الاختصاص وإذ ذاك ليس الأمر ما يقابل النهي لأن الأمر إذا كان المقابل فهو إما مصدر وإنما يعلل فعله وإما حال مؤكدة فيكون راجعاً إلى تعليل الإنزال المخصوص وليس المقصود وإنما لم يذكر المعنى على تقدير تعلقه بأمراً لأن المعنى الأول يصلح تفسيراً له أيضاً انتهى.