والظاهر كون ذلك تبييناً لوجهي التعليل، وما ذكر في نفيه لا يخلو عن بحث كما يعرف بالتأمل، واعتبار العادة في بيان المعنى جاء من كنا فإنه يقال : كان يفعل كذا لما تكرر وقوعه وصار عادة كما صرحوا به في الكتب الحديثية وغيرها ولإفادة ذلك عدل عن أنا مرسلون الأخصر وقوله سبحانه :﴿ مِن رَبّكَ ﴾ وضع فيه الظاهر موضع الضمير والأصل منا فجىء بلفظ الرب مضافاً إلى ضميره ﷺ على وجه تخصيص الخطاب به ﷺ تشريفاً له عليه الصلاة والسلام ودلالة على أن كونه سبحانه ربك وأنت مبعوث رحمة للعالمين مما يقتضي أن يرسل الرحمة.
وقال الطيبي : خص الخطاب برسوله عليه الصلاة والسلام والمراد العموم، والأصل من ربكم وجىء بلفظ الرب ليؤذن بأن المربوبية تقتضي الرحمة على المربوبين وليكون تمهيده يبتني عليه التعليل الآتي المتضمن للتعريض بواسطة الحصر بأن آلهتهم لا تسمع ولا تبصر ولا تغني شيئاً وتعقب بأنه لو أريد العموم لفاتت النكتة المذكورة ولزم أن يدخل المؤمنون في قوله تعالى :
﴿ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ ﴾ [ الدخان : ٧ ] وما بعده وليس المعنى عليه وفي القلب منه شيء وفسر بعضهم الرحمة المرسلة بنبينا ﷺ ولا يخفى أن صحة التعليل تأبى ذلك.