" أول الآيات الدخان ونزول عيسى ابن مريم عليهما السلام ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر " قال حذيفة يا رسول الله وما الدخان فتلا رسول الله ﷺ الآية وقال " دخان يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوماً وليلة، أما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكمة، وأما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره " رواه صاحب "الكشاف" وروى القاضي عن الحسن عن النبي ﷺ أنه قال :" باكروا بالأعمال ستاً، وذكز منها طلوع الشمس من مغربها والدجال والدخان والدابة " أما القائلون بالقول الأول، فلا شك أن ذلك يقتضي صرف اللفظ عن حقيقته إلى المجاز، وذلك لا يجوز إلا عند قيام دليل يدل على أن حمله على حقيقته ممتنع والقوم لم يذكروا ذلك الدليل فكان المصير إلى ما ذكروه مشكلاً جداً، فإن قالوا الدليل على أن المراد ما ذكرناه، أنه تعالى حكى عنهم أنهم يقولون ﴿رَّبَّنَا اكشف عَنَّا العذاب إِنَّا مْؤْمِنُونَ﴾ وهذا إذا حملناه على القحط الذي وقع بمكة استقام فإنه نقل أن القحط لما اشتد بمكة مشى إليه أبو سفيان وناشده بالله والرحم وأوعده (١) أنه إن دعا لهم وأزال الله عنهم تلك البلية أن يؤمنوا به، فلما أزال الله تعالى عنهم ذلك رجعوا إلى شركهم، أما إذا حملناه على أن المراد منه ظهور علامة من علامات القيامة لم يصح ذلك، لأن عند ظهور علامات القيامة لا يمكنهم أن يقولوا ﴿رَّبَّنَا اكشف عَنَّا العذاب إِنَّا مْؤْمِنُونَ﴾ ولم يصح أيضاً أن يقال لهم ﴿إِنَّا كَاشِفُواْ العذاب قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾ والجواب : لم لا يجوز أن يكون ظهور هذه العلامة جارياً مجرى ظهور سائر علامات القيامة في أنه لا يوجب انقطاع التكليف فتحدث هذه الحالة، ثم إن الناس يخافون جداً فيتضرعون، فإذا زالت تلك الواقعة عادوا إلى الكفر والفسق، وإذ كان هذا محتملاً فقد سقط ما قالوه، والله اعلم.