فإن قيل ما معنى قوله ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ﴾ مع أنه لا خير في الفريقين ؟ قلنا معناه أهم خير في القوة والشوكة، كقوله ﴿أكفاركم خَيْرٌ مّنْ أولئكم﴾ [ القمر : ٤٣ ] بعد ذكر آل فرعون، ثم إنه تعالى ذكر الدليل القاطع على القول بالبعث والقيامة، فقال :﴿وَمَا خَلَقْنَا السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾ ولو لم يحصل البعث لكان هذا الخلق لعباً وعبثاً، وقد مرّ تقرير هذه الطريقة بالاستقصاء في أول سورة يونس، وفي آخر سورة ﴿قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون﴾ حيث قال :﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً﴾ [ المؤمنون : ١١٥ ] وفي سورة ص حيث قال :﴿وما خلقنا السماء والأرض وما بينهم باطلاً﴾ [ ص : ٢٧ ].
ثم قال :﴿مَا خلقناهما إِلاَّ بالحق ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ والمراد أهل مكة، وأما استدلال المعتزلة بهذه الآية على أنه تعالى لا يخلق الكفر والفسق ولا يريدهما فهو مع جوابه معلوم، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٧ صـ ٢١٢ ـ ٢١٤﴾