وقال القرطبى :
﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (٣٠) ﴾
يعني ما كانت القبط تفعل بهم بأمر فرعون، من قتل الأبناء واستخدام النساء، واستعبادهم إياهم وتكلفهم الأعمال الشاقة.
﴿ مِن فِرْعَوْنَ ﴾ بدل من "الْعَذَابِ الْمُهِينِ" فلا تتعلق "مِنْ" بقوله :"مِنَ الْعَذَابِ" لأنه قد وصف، وهو لا يعمل بعد الوصف عمل الفعل.
وقيل : أي أنجيناهم من العذاب ومن فرعون.
﴿ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ المسرفين ﴾ أي جباراً من المشركين.
وليس هذا عُلوّ مَدْح بل هو عُلُوٌّ في الإسراف، كقوله :﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرض ﴾ [ القصص : ٤ ].
وقيل : هذا العلو هو الترفع عن عبادة الله.
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدِ اخترناهم ﴾ يعني بني إسرائيل.
﴿ على عِلْمٍ ﴾ أي على علم مِنَّا بهم لكثرة الأنبياء منهم.
﴿ عَلَى العالمين ﴾ أي عالمي زمانهم، بدليل قوله لهذه الأمة :﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [ آل عمران : ٠ ١١ ].
وهذا قول قتادة وغيره.
وقيل : على كل العالمين بما جعل فيهم من الأنبياء.
وهذا خاصة لهم وليس لغيرهم ؛ حكاه ابن عيسى والزَّمَخْشَريّ وغيرهما.
ويكون قوله :﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ﴾ أي بعد بني إسرائيل.
والله أعلم.
وقيل : يرجع هذا الاختيار إلى تخليصهم من الغرق وإيراثهم الأرض بعد فرعون.
قوله تعالى :﴿ وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الآيات ﴾ أي من المعجزات لموسى.
﴿ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ ﴾ قال قتادة : الآيات إنجاؤهم من فرعون وفلق البحر لهم، وتظليل الغمام عليهم وإنزال المَنّ والسَّلْوَى.
ويكون هذا الخطاب متوجِّهاً إلى بني إسرائيل.
وقيل : إنها العصا واليد.
ويشبه أن يكون قول الفرّاء.
ويكون الخطاب متوجهاً إلى قوم فرعون.
وقول ثالث إنه الشر الذي كَفّهم عنه والخير الذي أمرهم به ؛ قاله عبد الرحمن بن زيد.


الصفحة التالية
Icon