وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ ﴾
أي : ابتليناهم، ومعنى الفتنة هنا : أن الله سبحانه أرسل إليهم رسله، وأمروهم بما شرعه لهم، فكذبوهم، أو وسع عليهم الأرزاق، فطغوا وبغوا.
قال الزجاج : بلوناهم، والمعنى : عاملناهم معاملة المختبر ببعث الرسل إليهم، وقرىء ( فتنا ) بالتشديد ﴿ وَجَاءهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ﴾ أي : كريم على الله كريم في قومه، وقال مقاتل : حسن الخلق بالتجاوز، والصفح.
وقال الفراء : كريم على ربه إذا اختصه بالنبوّة ﴿ أَنْ أَدُّواْ إِلَىَّ عِبَادَ الله ﴾ " أن " هذه هي المفسرة لتقدّم ما هو بمعنى القول، ويجوز أن تكون المخففة من الثقيلة، والمعنى : أن الشأن، والحديث أدّوا إليّ عباد الله، ويجوز أن تكون مصدرية، أي : بأن أدّوا ؛ والمعنى : أنه طلب منهم أن يسلموا إليه بني إسرائيل.
قال مجاهد : المعنى : أرسلوا معي عباد الله، وأطلقوهم من العذاب، فعباد الله على هذا مفعول به.
وقيل المعنى : أدّوا إليّ عباد الله ما وجب عليكم من حقوق الله، فيكون منصوباً على أنه منادى مضاف.
وقيل : أدّوا إليّ سمعكم حتى أبلغكم رسالة ربكم.
﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ هو : تعليل لما تقدّم، أي :﴿ رسول ﴾ من الله إليكم ﴿ أمين ﴾ على الرسالة غير متهم ﴿ وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى الله ﴾ أي : لا تتجبروا، وتتكبروا عليه، بترفعكم عن طاعته، ومتابعة رسله، وقيل : لا تبغوا على الله، وقيل : لا تفتروا عليه، والأوّل أولى.
وبه قال ابن جريج، ويحيى بن سلام، وجملة ﴿ إني آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ تعليل لما قبله من النهي، أي : بحجة واضحة لا سبيل إلى إنكارها.
وقال قتادة : بعذر بين.
والأوّل أولى، وبه قال يحيى بن سلام.