قرأ الجمهور بكسر همزة ﴿ إِنّى ﴾، وقرىء بالفتح بتقدير اللام ﴿ وَإِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ ﴾ استعاذ بالله سبحانه لما توعدوه بالقتل، والمعنى : من أن ترجمون.
قال قتادة : ترجموني بالحجارة، وقيل : تشتمون، وقيل : تقتلون ﴿ وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِى فاعتزلون ﴾ أي : إن لم تصدّقوني، وتقرّوا بنبوّتي، فاتركوني، ولا تتعرّضوا لي بأذى.
قال مقاتل : دعوني كفافاً لا عليّ، ولا لي.
وقيل : كونوا بمعزل عني، وأنا بمعزل منكم إلى أن يحكم الله بيننا، وقيل : فخلوا سبيلي، والمعنى متقارب.
ثم لما لم يصدّقوه، ولم يجيبوا دعوته، رجع إلى ربه بالدعاء كما حكى الله عنه بقوله :﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاَء قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ ﴾ قرأ الجمهور بفتح الهمزة على إضمار حرف الجرّ، أي : دعاه بأن هؤلاء، وقرأ الحسن، وابن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر بكسرها على إضمار القول، وفي الكلام حذف، أي : فكفروا فدعا ربه، والمجرمون : الكافرون، وسماه دعاء مع أنه لم يذكر إلا مجرّد كونهم مجرمين، لأنهم قد استحقوا بذلك الدعاء عليهم ﴿ فَأَسْرِ بِعِبَادِى لَيْلاً ﴾ أجاب الله سبحانه دعاءه، فأمره أن يسري ببني إسرائيل ليلاً، يقال : سرى وأسرى لغتان، قرأ الجمهور :﴿ فأسر ﴾ بالقطع.
وقرأ أهل الحجاز بالوصل، ووافقهم ابن كثير، فالقراءة الأولى من أسرى، والثانية من سرى، والجملة بتقدير القول، أي : فقال الله لموسى أسر بعبادي ﴿ إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ ﴾ أي : يتبعكم فرعون، وجنوده، وقد تقدّم في غير موضع خروج فرعون بعدهم ﴿ واترك البحر رَهْواً ﴾ أي : ساكناً، يقال : رها يرهو رهواً : إذا سكن لا يتحرّك.
قال الجوهري : يقال : افعل ذلك رهواً، أي : ساكناً على هيئتك، وعيش راه، أي : ساكن، ورها البحر سكن، وكذا قال الهروي، وغيره، وهو المعروف في اللغة، ومنه قول الشاعر :