بكى حارث الحولان من فقد ربه... وحوران منه خاشع متضائل
وقال الحسن : في الكلام مضاف محذوف، أي : ما بكى عليهم أهل السماء والأرض من الملائكة والناس.
وقال مجاهد : إن السماء والأرض تبكيان على المؤمن أربعين صباحاً، وقيل : إنه يبكي على المؤمن مواضع صلاته، ومصاعد عمله ﴿ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ ﴾ أي : ممهلين إلى وقت آخر بل عوجلوا بالعقوبة لفرط كفرهم، وشدّة عنادهم ﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِى إسراءيل مِنَ العذاب المهين ﴾ أي : خلصناهم بإهلاك عدوّهم مما كانوا فيه من الاستعباد، وقتل الأبناء واستحياء النساء، وتكليفهم للأعمال الشاقة، وقوله :﴿ مِن فِرْعَوْنَ ﴾ بدل من العذاب إما على حذف مضاف، أي : من عذاب فرعون، وإما على المبالغة كأنه نفس العذاب، فأبدل منه، أو على أنه حال من العذاب تقديره : صادراً من فرعون، وقرأ ابن عباس :( من فرعون ) ؟ بفتح الميم على الاستفهام التحقيري كما يقال لمن افتخر بحسبه، أو نسبه : من أنت؟ ثم بيّن سبحانه حاله، فقال :﴿ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ المسرفين ﴾ أي : عالياً في التكبر والتجبر من المسرفين في الكفر بالله، وارتكاب معاصيه كما في قوله :﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى الأرض ﴾ [ القصص : ٤ ].
ولما بيّن سبحانه كيفية دفعه للضر عن بني إسرائيل بيّن ما أكرمهم به، فقال :﴿ وَلَقَدِ اخترناهم على عِلْمٍ عَلَى العالمين ﴾ أي : اختارهم الله على عالمي زمانهم على علم منه باستحقاقهم لذلك، وليس المراد : أنه اختارهم على جميع العالمين بدليل قوله في هذه الأمة :


الصفحة التالية
Icon