﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [ آل عمران : ١١٠ ] وقيل : على كل العالمين لكثرة الأنبياء فيهم، ومحل ﴿ على علم ﴾ النصب على الحال من فاعل ﴿ اخترناهم ﴾ أي : حال كون اختيارنا لهم على علم منا، و ﴿ على العالمين ﴾ متعلق باخترناهم ﴿ وءاتيناهم مِنَ الآيات ﴾ أي : معجزات موسى ﴿ مَا فِيهِ بَلَؤٌاْ مُّبِينٌ ﴾ أي : اختبار ظاهر، وامتحان واضح لننظر كيف يعملون.
وقال قتادة : الآيات إنجاؤهم من الغرق، وفلق البحر لهم، وتظليل الغمام عليهم، وإنزال المنّ والسلوى لهم.
وقال ابن زيد : الآيات هي : الشرّ الذي كفهم عنه، والخير الذي أمرهم به.
وقال الحسن، وقتادة : البلاء المبين : النعمة الظاهرة كما في قوله :﴿ وَلِيُبْلِىَ المؤمنين مِنْهُ بَلاء حَسَنًا ﴾ [ الأنفال : ١٧ ]، ومنه قول زهير :
فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو... والإشارة بقوله :﴿ إِنَّ هَؤُلآء ﴾ إلى كفار قريش، لأن الكلام فيهم، وقصة فرعون مسوقة للدلالة على استوائهم في الإصرار على الكفر ﴿ لَيَقُولُونَ إِنْ هِىَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأولى ﴾ أي : ما هي إلا موتتنا الأولى التي نموتها في الدنيا، ولا حياة بعدها، ولا بعث، وهو معنى قوله :﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ ﴾ أي : بمبعوثين، وليس في الكلام قصد إلى إثبات موتة أخرى، بل المراد : ما العاقبة ونهاية الأمر إلا الموتة الأولى المزيلة للحياة الدنيوية، قال الرازي : المعنى : أنه لا يأتينا من الأحوال الشديدة إلا الموتة الأولى، ثم أوردوا على من وعدهم بالبعث ما ظنوه دليلاً، وهو : حجة داحضة، فقالوا :﴿ فَأْتُواْ بِئَابَائِنَا ﴾ أي : ارجعوهم بعد موتهم إلى الدنيا ﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ فيما تقولونه، وتختبرونا به من البعث.


الصفحة التالية
Icon