ثم قال :﴿خُذُوهُ﴾ أي خذوا الأثيم ﴿فاعتلوه﴾ قرىء بكسر التاء، قال الليث : العتل أن تأخذ بمنكث الرجل فتعتله أي تجره إليك وتذهب به إلى حبس أو منحة، وأخذ فلان بزمام الناقة يعتلها وذلك إذا قبض على أصل الزمام عند الرأس وقادها قوداً عنيفاً، وقال ابن السكيت عتلته إلى السجن وأعتلته إذا دفعته دفعاً عنيفاً، هذا قول جميع أهل اللغة في العتل، وذكروا في اللغتين ضم التاء وكسرها وهما صحيحان مثل يعكفون ويعكفون، ويعرشون ويعرشون.
قوله تعالى :﴿إلى سَوَاء الجحيم﴾ أي إلى وسط الجحيم ﴿ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الحميم﴾ وكان الأصل أن يقال : ثم صبوا من فوق رأسه الحميم أو يصب من فوق رؤوسهم الحميم إلا أن هذه الاستعارة أكمل في المبالغة كأنه يقول : صبوا عليه عذاب ذلك الحميم، ونظيره قوله تعالى :﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا﴾ [ البقرة : ٢٥ ] و ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم﴾ [ الدخان : ٤٩ ] وذكروا فيه وجوهاً الأول : أنه يخاطب بذلك على سبيل الاستهزاء، والمراد إنك أنت بالضد منه والثاني : أن أبا جهل قال لرسول الله ﷺ : ما بين جبليها أعز ولا أكرم مني فوالله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئاً والثالث : أنك كنت تعتز لا بالله فانظر ما وقعت فيه، وقرىء أنك بمعنى لأنك.
ثم قال :﴿إِنَّ هذا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ﴾ أي أن هذا العذاب ما كنتم به تمترون أي تشكون، والمراد منه ما ذكره في أول السورة حيث قال :﴿بَلْ هُمْ فِي شَكّ يَلْعَبُونَ﴾ [ الدخان : ٩ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٧ صـ ٢١٤ ـ ٢١٦﴾


الصفحة التالية
Icon