وقال القرطبى :
﴿ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) ﴾
﴿ يَوْمَ الفصل ﴾ هو يوم القيامة ؛ وسُمِّيَ بذلك لأن الله تعالى يفصل فيه بين خلقه.
دليله قوله تعالى :﴿ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ القيامة يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ﴾ [ الممتحنة : ٣ ].
ونظيره قوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ﴾ [ الروم : ١٤ ].
ف "يَوْمَ الْفَصْلِ" ميقات الكل ؛ كما قال تعالى :﴿ إِنَّ يَوْمَ الفصل كَانَ مِيقَاتاً ﴾ [ النبأ : ١٧ ] أي الوقت المجعول لتمييز المسيء من المحسن، والفصل بينهما : فريق في الجنة وفريق في السعير.
وهذا غاية في التحذير والوعيد.
ولا خلاف بين القرّاء في رفع "مِيقَاتُهُمْ" على أنه خبر "إنّ" واسمها "يَوْمَ الْفَصْلِ".
وأجاز الكسائي والفرّاء نصب "مِيقَاتهم".
ب "إن" و "يوم الفصل" ظرف في موضع خبر "إن" ؛ أي إن ميقاتهم يوم الفصل.
قوله تعالى :﴿ يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً ﴾ "يَوْمَ" بدل من "يوم" الأوّل.
والمَوْلَى : الْوَلِيُّ وهو ابن العمّ والناصر.
أي لا يدفع ابن عم عن ابن عمه، ولا قريب عن قريبه، ولا صديق عن صديقه.
﴿ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ﴾ أي لا ينصر المؤمن الكافر لقرابته.
ونظير هذه الآية :﴿ واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً ﴾ [ البقرة : ٨ ٤ ] الآية.
﴿ إِلاَّ مَن رَّحِمَ الله ﴾ "مَنْ" رفع على البدل من المضمر في "يُنْصَرُونَ" ؛ كأنك قلت : لا يقوم أحد إلا فلان.
أو على الابتداء والخبر مضمر ؛ كأنه قال : إلا من رحم الله فمغفور له ؛ أو فيغني عنه ويشفع وينصر.
أو على البدل من "مَوْلًى" الأول ؛ كأنه قال : لا يغني إلا من رحم الله.
وهو عند الكسائي والفرّاء نصب على الاستثناء المنقطع ؛ أي لكن من رحم الله لا ينالهم ما يحتاجون فيه إلى مَن يغنيهم من المخلوقين.