ويجوز أن يكون استثناء متصلاً ؛ أي لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين فإنه يؤذن لهم في شفاعة بعضهم لبعض.
﴿ إِنَّهُ هُوَ العزيز الرحيم ﴾ أي المنتقم من أعدائه الرحيم بأوليائه ؛ كما قال :﴿ شَدِيدِ العقاب ذِي الطول ﴾ [ غافر : ٣ ] فقرن الوعد بالوعيد.
قوله تعالى :﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم ﴾ كل ما في كتاب الله تعالى من ذكر الشجرة فالوقف عليه بالهاء ؛ إلا حرفاً واحداً في سورة الدخان ﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم * طَعَامُ الأثيم ﴾ ؛ قاله ابن الأنباري.
و﴿ الأثيم ﴾ الفاجر ؛ قاله أبو الدرداء.
وكذلك قرأ هو وابن مسعود.
وقال همام بن الحارث : كان أبو الدرداء يقرىء رجلاً "إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ اْلأَثِيمِ" والرجل يقول : طعام اليتيم، فلما لم يفهم قال له :"طعام الفاجر".
قال أبو بكر الأنباريّ : حدّثني أبي قال حدّثنا نصر قال حدّثنا أبو عبيد قال حدّثنا نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد عن ابن عجلان عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال : عَلّم عبد الله بن مسعود رجلاً "إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ.
طَعَامُ اْلأَثِيمِ" فقال الرجل : طعام اليتيم، فأعاد عليه عبد الله الصواب وأعاد الرجل الخطأ، فلما رأى عبد الله أن لسان الرجل لا يستقيم على الصواب قال له : أما تحسن أن تقول طعام الفاجر؟ قال بلى، قال فافعل.
ولا حجة في هذا للجهال من أهل الزَّيْغ، أنه يجوز إبدال الحرف من القرآن بغيره، لأن ذلك إنما كان من عبد الله تقريباً للمتعلّم، وتوطئة منه له للرجوع إلى الصواب، واستعمال الحق والتكلم بالحرف على إنزال الله وحكاية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الزَّمَخْشريّ :"وبهذا يستدل على أن إبدال كلمة مكان كلمة جائز إذا كانت مؤديةً معناها.
ومنه أجاز أبو حنيفة القراءة بالفارسية على شريطة، وهي أن يؤدّي القارىء المعاني على كمالها من غير أن يَخْرِم منها شيئاً.


الصفحة التالية
Icon