قالوا : وهذه الشريطة تشهد أنها إجازة كلا إجازة ؛ لأن في كلام العرب خصوصاً في القرآن الذي هو معجز بفصاحته وغرابة نظمه وأساليبه، من لطائف المعاني والأغراض ما لا يستقلّ بأدائه لسان من فارسية وغيرها، وما كان أبو حنيفة رحمه الله يحسن الفارسية، فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر.
وروى عليّ بن الجعد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة مثل قول صاحبيه في إنكار القراءة بالفارسية".
وشجرة الزقوم : الشجرة التي خلقها الله في جهنم وسمّاها الشجرة الملعونة، فإذا جاع أهل النار التجأوا إليها فأكلوا منها، فغليت في بطونهم كما يغلي الماء الحار.
وشبّه ما يصير منها إلى بطونهم بالمُهْل، وهو النُّحاس المذاب.
وقراءة العامة "تَغْلِي" بالتاء حملاً على الشجرة.
وقرأ ابن كَثير وحفص وابن مُحَيْصِن ورُوَيْس عن يعقوب "يغلي" بالياء حملاً على الطعام ؛ وهو في معنى الشجرة.
ولا يُحمل على المهْل لأنه ذكر للتشبيه.
و"الأثيم" الآثم ؛ من أثِم يأثَم إثْماً ؛ قاله القشيريّ وابن عيسى.
وقيل هو المشرك المكتسب للإثم ؛ قاله يحيى بن سلام.
وفي الصحاح : وقد أثم الرجل ( بالكسر ) إثماً ومأثماً إذا وقع في الإثم، فهو آثم وأثيم وأثوم أيضاً.
فمعنى "طَعَامُ اْلأَثِيمِ" أي ذي الإثم الفاجر، وهو أبو جهل.
وذلك أنه قال : يعِدنا محمد أن في جهنم الزقّوم، وإنما هو الثريد بالزبد والتمر، فبيّن الله خلاف ما قاله.
وحكى النقاش عن مجاهد أن شجرة الزقّوم أبو جهل.
قلت : وهذا لا يصح عن مجاهد.
وهو مردود بما ذكرناه في هذه الشجرة في سورة "الصافات وسبحان" أيضاً.
قوله تعالى :﴿ خُذُوهُ ﴾ أي يقال للزبانية خذوه ؛ يعني الأثيم.
﴿ فاعتلوه ﴾ أي جُرُّوه وسُوقوه.
والعَتْل : أن تأخذ بتلابيب الرجل فتعتِله، أي تجرّه إليك لتذهب به إلى حبس أو بليّة.
عتلت الرجل أعتِله وأعتُله عَتْلاً إذا جذبته جَذْباً عنيفاً.
ورجل مِعْتَل ( بالكسر ).
وقال يصف فَرَساً :