فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة
قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة الجاثية
فى الحث على دراسة الكون واكتشاف آياته جاء صدر سورة " الجاثية " لافتا الأنظار إلى ملكوت السموات والأرض وما حوى من عجائب تقود إلى الله سبحانه. " حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين * وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون * واختلاف الليل والنهار " إلخ. وقد مضت نظائر لهذه الآيات فى سورة البقرة وآل عمران وغيرهما. والمراد دعم البناء العقلى للإيمان، وإقامته على الفكر السوى والبصر الذكى! فهل تكفى هذه الدراسة النظرية لإسعاد الإنسان؟ لا. إنها جانب واحد. والجانب الآخر استغلال الكون نفسه لمصلحة الإنسان، فلهذا خلق. " الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ". والهيمنة على قوانين الكون كما تنفع الإنسان فى الحياة الدنيا ماديا، فهى تقدره على إعزاز عقائده والدفاع عنها. وما تأخر المسلمون وذلوا أمام أعدائهم إلا لتخلفهم فى هذا الميدان! " تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ". القرآن يقود النفوس بهداياته، والكون يدل على الله بآياته، فلماذا يزيغ امرؤ بعد ذلك أو تضل شعوب؟ " ويل لكل أفاك أثيم ". ومع هذا التوجيه المزدوج، فإن الله رحمة منه بعباده أبى تعجيل العقوبة للتائهين! ووسع لهم الفرصة كى يهتدوا فنصح المسلمين أن يتريثوا فى عرض الدعوة وأن تخص وطأتهم على الكافرين: " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون * من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون ".