وقال بيان الحق الغزنوى :
سورة الجاثية
(وفي خلقكم وما يبث من دابة ءايات) [٤] رفع آيات بالعطف على موضع "إن" لا على لفظه، كما تقول: إن زيداً قائم، وعمرو قاعد. وقال الكوفيون: الرفع في مثل هذا يكون معنى الفاعل، وكذلك ما ارتفع بعد الظروف، مثل قولك: في الدار زيد. وتقريبه من الفاعل/تقديره: استقر في الدار زيد، وثبت في خلقكم آيات. وأما جرها فللعطف على الآيات الأولى، إما بالعامل الأول [أو] بتقدير عامل آخر، أي: وإن في خلقكم آيات.
(وسخر لكم ما في السموات) [١٣] أي: من الشمس والقمر والنجوم والأمطار وغيرها، فكلها يجري على منافع العباد. (لا يرجون أيام الله) [١٤] لا يطمعون في نصره في الدنيا، ولا في ثوابه في الآخرة. (سواء محيهم ومماتهم) [٢١] الضمير في الكناية يجوز للمؤمنين وحدهم، وللذين اجترحوا السيئات وحدهم. ولو نظرت إلى قوله (ساء ما يحكمون) ترجح ضمير المجترحين. ولو قلت: إنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هم سواء محياهم ومماتهم، ترجح ضمير المؤمنين، لأنه يكون كالنص على استئناف ذكرهم للتشريف. (اتخذ إلهه هواه) [٢٣] أي: لا يعصيه، ولا يمنعه منه خوف الله. (إلى كتابها) [٢٨]
أي: كتابها الذي أنزل على رسولها، ويجوز أن يكون الكتاب اسم الجنس، أي: [تدعى] إلى صحائف أعمالها. (نستنسخ) [٢٩] ننسخ كقوله: (وإذا رأوا ءاية يستسخرون) أي: يسخرون. وقيل: نستدعي ذلك، أي: نأمر الملائكة بكتابته وحفظه، ليحتج عليهم بأعمالهم، كقوله: (بلى ورسلنا لديهم يكتبون). (فيدخلهم ربهم في رحمته) [٣٠] استعارة ومجاز، لتجليل الرحمة لهم ودخولهم فيها. وللمجاز ثلاثة أوصاف: الاتساع، والتأكيد، والتشبيه. وقد انتظم جميعها هذا اللفظ. أما الاتساع: فكأنه زيد في أسماء الجهات والمحال [اسم] هو الرحمة


الصفحة التالية
Icon