مع استحقاقهم إياه فالرجاء مجاز عن التوقع كما أن الأيام مجاز عن الحوادث واستعمالها شائع في ذلك "لِيَجْزِيَ قَوْماً" أي المؤمنين وتنوينه للتعظيم ولفظ قوم يدل على المدح "بِما كانُوا يَكْسِبُونَ" ١٤ من العمل الصالح الذي من جملته العفو والصفح عمن يعتدي عليهم.
وسبب نزول هذه الآية على ما حكاه ابن عباس هو أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم نزل بأصحابه في غزوة بني المصطلق على بئر المريسيع،
فأرسل ابن أبي غلامة ليستسقي فأبطأ عليه، فلما أتاه قال له ما حبسك ؟ قال غلام عمر قعد على طرف البئر فما ترك أحدا يستسقي حتى ملأ قرب النبي صلّى اللّه عليه وسلم وقرب أبي بكر، فقال ابن أبي لعلامة ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل (سمّن كلبك يأكلك) قاتله اللّه ما أخبثه وكلامه، ولكن الدنّ ينضح بما فيه، ويكفي أنه رئيس المنافقين الذين ماتوا على نفاقهم.
فبلغ ذلك عمر فاشتمل سيفه يريد التوجه إليه، فأنزل اللّه هذه الآية.
وما قيل إنها نزلت في عمر رضي اللّه عنه حينما شتمه المشرك من غفار بمكة قبل الهجرة فهمّ أن يبطش به غير سديد، لأن الآية مدنية بالاتفاق كما علمت، ولأن المسلمين في مكة عاجزون عن البطش، والذي لا يقدر ينتصر لنفسه لا يؤمر بالعفو.


الصفحة التالية
Icon