هذه وأخيرتها مما يدعونك إليه من طرق آبائهم المعوجة "إِنَّهُمْ" هؤلاء الكفرة الذين يريدونك على دينهم وسنة آبائهم الضالة لو أطعتهم على فرض المحال واتبعت أهواءهم "لَنْ يُغْنُوا" يمنعوا ويدفعوا "عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً" أراد إيقاعه فيك "وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ" في الدنيا ولا وليّ لهم في الآخرة ولا يتبعهم إلا ظالم مثلهم "وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ" ١٩ فيها وأنت خلاصتهم، فدم على ما أنت عليه من التوجه إلى اللّه والإعراض عن وأعدائه أعدائك، وهذا الخطاب الموجه إلى حضرة الرسول مراد به غيره من أصحابه الذين معه لأنه معصوم من اتباع الكفرة، راجع الآية ٦٣ فما بعدها من سورة الزمر المارة، قال تعالى "هذا" القرآن المنزل عليك يا حبيبي "بَصائِرُ لِلنَّاسِ" في قلوبهم وكما هو نور لأبصارهم وحياة لأرواحهم، هو معالم لحدودهم وأحكامهم "وَهُدىً" من الضلال لمن اتبعه "وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" ٢٠ به ويصدقون بما فيه
"أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا"
اكتسبوا بجوارحهم اليد والرجل واللسان والفرج وغيرها ففعلوا فيها "السَّيِّئاتِ"
هي كل ما ساءك فعله فيك من الغير أو خالف أمر دينك أو أغضب غيرك صنعه "أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ"
كلا لا نفعل ولا ينبغي لنا أن نفعل ذلك، وإن كانوا هم يحكمون بالمساواة فقد "ساءَ ما يَحْكُمُونَ"
٢١ وبئس القضاء قضاؤهم ذلك، إذ لا يستوي الخبيث والطيب، كما لا تستوي الظلمات والنور، راجع الآية ١٠٤ من سورة المائدة ج ٣.


الصفحة التالية
Icon