وقال سهل التستري هواؤك داؤك، فإن خالفته فدواؤك، وجاء في الحديث والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على اللّه الأماني، وفي حديث آخر : ثلاث مهلكات، شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه.
فيجب على النبيه النبيل أن يعرض عن هواه فإنه مفارقه، وإلا فهو نار ثانية عليه يذهب معه إلى جهنم، قال :
جمع الهواء مع الهوى في مهجتي فتكاملت في أضلعي ناران
فقصرت بالممدود عن نيل المنى ومددت بالمقصور في أكفاني
وهذه نزلت في الحارث بن قيس السهمي، إذ كان لا يهوى شيئا إلا ركبه.
وحكما عام في كل من اتبع هواه، وفيها إعلام عن ذم الهوى واتباع الشهوات ما فيها لمن اتبع ذلك، لأن جواهر الأرواح منها ما هو مشرق علوي نوراني، فلا يميل إلا لما يرضي خالقه مبدعه، ومنها ما هو رذيل سفلي ظلماني فلا يميل إلا لما يعجب نفسه، وإن اللّه تعالى يقابل كلا بما يليق بماهيته وجوهره.
ونظير هذه الآية
الآيتان ٤٣ - ٤٤ من سورة الفرقان، في ج ١ فراجعهما.
قال تعالى "وَقالُوا" منكرو البعث بعد هذه الآيات البينات على إثباته "ما هِيَ" الحياة "إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا" لا حياة بعدها أبدا "نَمُوتُ" أي يموت آباؤنا "وَنَحْيا" نحن بعدهم ونموت نحن ويحيا أبناؤنا بعدنا، وهكذا أرحام تدفع وأرض تبلع، أو نحيا نحن ونموت، لأن العطف بالواو لا يفيد ترتيبا ولا تعقيبا، وعلى هذا قوله تعالى (يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ) أي رافعك إلى السماء الآن ومتوفيك بعد، راجع الآية ٥٥ من سورة آل عمران ج ٣ "وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ" في كره ومره واختلاف جديديه.
واعلم أن الدهر اسم لمدة العالم من مبدإه إلى منتهاه، ويعبر به عن كل مدة طويلة، بخلاف الزمن، فإنه يقع على القليل والكثير.


الصفحة التالية
Icon