﴿وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً﴾ [ الدهر : ١٢ ] ليجزي الملك الأعظم الجزاء الأعظم من الخير للمؤمن والشر للكافر قوماً، فجعل الجزاء كالفاعل وإن كان مفعولاً كما جعل " زيد " فاعلاً في مات زيد وإن كان مفعولاً في المعنى : تنبيهاً على عظيم تأثير الفعل فإنه لا انفكاك عنه لأنه يجعل متمكناً من المجزي تمكن المجزي من جزائه ومحيصاً به لأن الله تعالى بعظم قدرته يجعل عمل الإنسان نفسه جزاء له، قال الله تعالى ﴿سيجزيهم وصفهم﴾ [ الأنعام : ١٣٩ ] بما كانوا يعملون، ويجوز أن يكون النائب عن الفاعل ضمير " الذين " بالنظر إلى لفظه فيكون المعنى : سيجزي الذين آمنوا ناساً كانوا أقوياء على القيام في أذاهم بسبب أذاهم لهم فيجعل كلاًّ منهم فداء لكل منهم من النار، وربما رأوا بعض آثار ذلك في الدنيا، روى مسلم والترمذي عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال :" ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد إلا رفعه الله عز وجل " ولأحمد والترمذي واللفظ له وقال حسن صحيح عن أبي كبشة الأنماري ـ رضى الله عنه ـ أنه سمع رسول الله ـ ﷺ ـ يقول :" ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثاً فاحفظوه : ما نقص مال عبد من صدقة، وما ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله باب فقر " - أو كلمة نحوها، وروى الحاكم وصحح إسناده، قال المنذري : وفيه انقطاع عن أبي بن كعب ـ رضى الله عنه ـ قال :" من سره أن يشرف له البنيان وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه ويعط من حرمه ويصل من قطعه ".