فبلغ عمرَ رضي الله عنه قولُه، فاشتمل على سيفه يريد التوجه إليه ليقتله ؛ فأنزل الله هذه الآية.
هذه رواية عطاء عن ابن عباس.
وروى عنه ميمون بن مِهران قال :" لما نزلت ﴿ مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً ﴾ [ البقرة : ٢٤٥ ] قال يهوديّ بالمدينة يقال له فِنحاص : احتاج ربّ محمد! قال : فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه وخرج في طلبه ؛ فجاء جبريل عليه السلام إلى النبيّ ﷺ فقال :"إن ربّك يقول لك قُلْ لِلَّذِين آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِين لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ".
وأعلمَ أن عمر قد اشتمل على سيفه وخرج في طلب اليهودي، فبعث رسول الله ﷺ في طلبه، فلما جاء قال :"يا عمر، ضع سيفك" قال : يا رسول الله، صدقت، أشهد أنك أرسلت بالحق.
قال :"فإن ربك يقول :﴿ قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ الله ﴾ " قال : لا جرم! والذي بعثك بالحق لا ترى الغضب في وجهي ".
قلت : وما ذكره المهدوِيّ والنحاس فهو رواية الضحاك عن ابن عباس، وهو قول القُرَظيّ والسُّدّي، وعليه يتوجه النسخ في الآية.
وعلى أن الآية نزلت بالمدينة أو في غزوة بني المُصْطَلِق فليست بمنسوخة.
ومعنى :"يَغْفِرُوا" يعفوا ويتجاوزوا.
ومعنى :"لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ" أي لا يرجون ثوابه.
وقيل : أي لا يخافون بأس الله ونقمه.
وقيل : الرجاء بمعنى الخوف ؛ كقوله :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ [ نوح : ١٣ ] أي لا تخافون له عظمة.
والمعنى : لا تخشون مثل عذاب الأمم الخالية.
والأيام يعبّر بها عن الوقائع.
وقيل : لا يأمُلون نصر الله لأوليائه وإيقاعه بأعدائه.
وقيل : المعنى لا يخافون البعث.
﴿ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ قراءة العامة "لِيَجْزِيَ" بالياء على معنى ليجزي الله.
وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر "لِنَجْزيَ" بالنون على التعظيم.


الصفحة التالية
Icon