﴿ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءاياتنا شَيْئاً ﴾ أي إذا بلغَهُ من آياتِنا شيءٌ وعلم أنَّه من آياتِنا لا أنه علمهُ كما هُو عليهِ فإنَّه بمعزلٍ عن ذلك العلمِ، وقيلَ : إذا علم منها شيئاً يمكنُ أنْ يتشبثَ به المعاندُ ويجدَ له محملاً فاسداً يتوصلُ به إلى الطعنِ والغميزةِ ﴿ اتخذها ﴾ أي الآياتِ كلَّها ﴿ هُزُواً ﴾ أي مَهْزُوءاً بَها لا ما سمَعهُ فقطْ، وقيلَ : الضميرُ للشيءِ، والتأنيثُ لأنَّه في معنى الآيةِ. ﴿ أولئك ﴾ إشارةٌ إلى كلِّ أفاكٍ من حيثُ الاتصافُ بما ذُكرَ من القبائِحِ، والجمعُ باعتبارِ الشمولِ للكلِّ كما في قولِه تعالى :﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ كما أنَّ الإفرادَ فيما سبقَ من الضمائرِ باعتبارِ كلِّ واحدٍ واحدٍ. ﴿ لَهُمْ ﴾ بسببِ جناياتِهم المذكورةِ ﴿ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ وصفٌ العذابِ بالإهانةِ توفيةً لحقِّ استكبارِهم واستهزائِهم بآياتِ الله سبحانه وتعالى. ﴿ مّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ ﴾ أي من قُدامِهم لأنهم متوجهونَ إلى ما أُعدَّ لهُم، أو من خلفِهم لأنهم معرضونَ عن ذلكَ مقبلونَ على الدُّنيا فإن الوراءَ اسمٌ للجهةِ التي يُواريها الشخصُ من خلفٍ وقُدامٍ. ﴿ وَلاَ يُغْنِى عَنْهُم ﴾ ولا يدفعُ ﴿ مَّا كَسَبُواْ ﴾ من الأموالِ والأولادِ ﴿ شَيْئاً ﴾ من عذابِ الله تعالى أو شيئاً من الإغناءِ ﴿ وَلاَ مَا اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَاء ﴾ أي الأصنامَ، وتوسيطُ حرفِ النفي بينِ المعطوفينِ مع أنَّ عدمَ إغناءِ الأصنامِ أظهرُ وأجلى من عدمِ إغناءِ الأموالِ والأولادِ قطعاً مبنيٌّ على زعمِهم الفاسدِ حيثُ كانُوا يطمعونَ في شفاعتِهم وفيه تهكمٌ. ﴿ وَلَهُمْ ﴾ فيما وراءَهُم من جهنمَ ﴿ عَذَابٌ عظِيمٌ ﴾ لا يُقادرُ قدرُه.