﴿ لِيَجْزِىَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ تعليلٌ للأمرِ بالمغفرةِ، والمرادُ بالقومِ المؤمنونَ والتنكيرِ لمدحِهم والثناءِ عليهم، أي أُمروا بذلكَ ليجزيَ يومَ القيامةِ قوماً أيَّما قومٍ قوماً مخصوصينَ بما كسبوا في الدُّنيا من الأعمالِ الحسنةِ التي من جُملتها الصبرُ على أذيةِ الكفارِ والإغضاءُ عنهم بكظمِ الغيظِ واحتمالِ المكروهِ ما يقصرُ عنه البيانُ من الثوابِ العظيمِ. هذا وقد جُوِّزَ أنْ يرادَ بالقومِ الكفرةُ وبما كانُوا يكسبونَ سيئاتُهم التي من جُملتها ما حُكِيَ من الكلمةِ الخبيثةِ، والتنكيرُ للتحقيرِ، وفيهِ أنَّ مطلقَ الجزاءِ لا يصلحُ تعليلاً للأمرِ بالمغفرةِ لتحققِه على تقديريْ المغفرةِ وعدمِها فلا بُدَّ من تخصيصِه بالكلِّ بأنْ لا يتحققَ بعضٌ منه في الدُّنيا أو بما يصدرُ عنه تعالى بالذاتِ وفي ذلكَ من التكلفِ ما لا يخفِى وأنْ يرادَ كلا الفريقينِ وهو أكثرُ تكلفاً وأشدُّ تمحلاً. وقُرِىءَ ليُجْزَى قومٌ وليُجْزَى قوماً أي ليُجْزَى الجزاءُ قوماً، وقُرِىءَ لنَجْزِي بنونِ العظمةِ.
﴿ مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾
لا يكادُ يسري عملٌ إلى غيرِ عاملِه. ﴿ ثُمَّ إلى رَبّكُمْ ﴾ مالكِ أمورِكم ﴿ تُرْجَعُونَ ﴾ فيجازيكُم على أعمالِكم خيراً كانَ أو شراً. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٨ صـ ﴾