وقال الآلوسى :
﴿ الله الذى سَخَّرَ لَكُمُ البحر ﴾
بأن جعله أملس السطح يطفو عليه ما يتخلخل كالأخشاب ولا يمنع الغوص فيه ﴿ لِتَجْرِىَ الفلك فِيهِ بِأَمْرِهِ ﴾ بتسخيره تعالى إياه وتسهيل استعمالها فيما يراد بها، وقيل : بتكوينه تعالى أو بإذنه عز وجل، وسياق الامتنان يقتضي أن يكون المعنى لتجري الفلك فيه وأنتم راكبوها.
﴿ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ ﴾ بالتجارة والغوص والصيد وغيرها ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ ولكي تشكروا النعم المترتبة على ذلك، وهذا أعني ﴿ الله الذى سَخَّرَ ﴾ الخ ذرك تتميماً للتقريع ولهذا رتب عليه الأغراض العاجلة فإنه مما يستوجب الشكر غالباً للكافر أيضاً فكأنه قيل : تلك الآيات أولى بالشكر ولهذا عقب بما يعم القسمين أعني قوله سبحانه :
﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى السموات وَمَا فِي الأرض ﴾ أي من الموجودات بأن جعل فيها منافع لكم منها ظاهرة ومنها خفية، وعقب بالتفكر لينبه على أن التفكر هو الذي يؤدي إلى ما ذكر من الأولوية ويدل به على أن التفكر ملاك الأمر في ترتيب الغرض على ما جعل آية من الايمان والإيقان والشكر ﴿ جَمِيعاً ﴾ حال من ﴿ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض ﴾ أو توكيد له وقوله تعالى :﴿ مِنْهُ ﴾ حال من ذلك أيضاً، والمعنى سخر هذه الأشياء جميعاً كائنة منه وحاصلة من عنده يعني أنه سبحانه مكونها وموجودها بقدرته وحكمته ثم مسخرها لخلقه.
وجوز فيه أوجه أخر.


الصفحة التالية
Icon