وقرأ مسلمة بن محارب كذلك إلا أنه ضم التاء على تقدير هو أو هي منة، وعنه أيضاً فتح الميم وشد النون وهاء الكتابة عائدة على الله تعالى أي انعامه وهو فاعل "سخر" على الإسناد المجازي كما تقول : كرم الملك أنعشني أو هو خبر مبتدأ محذوف أي هذا أو هو منه تعالى، وجوزت الفاعلية في قراءته الأولى، وتذكير الفعل لأن الفاعل ليس مؤنثاً حقيقياً مع وجود الفاصل، والوجه الأول أولى وإن كان فيه تقدير ﴿ إِنَّ فِى ذَلِكَ ﴾ أي فيما ذكر ﴿ لاَيَاتٍ ﴾ عظيمة الشأن كثيرة العدد ﴿ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ في بدائع صنعه تعالى وعظائم شأنه جل شأنه فإن ذلك يجرهم إلى الإيمان والإيقان والشكر.
﴿ قُل لّلَّذِينَ ءامَنُواْ يَغْفِرُواْ ﴾ حذف المقول لدلالة "يغفروا" عليه فإنه جواب للأمر باعتبار تعلقه به لا باعتبار نفسه فقط أي قل لهم اغفروا يغفروا ﴿ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ الله ﴾ أي يعفوا ويصفحوا عن الذين لا يتوقعون وقائعه تعالى باعدائه ونقمته فيهم فالرجل مجاز عن التوقع وكذا الأيام مجاز عن الوقائع من قولهم : أيام العرب لوقائعها وهو مجاز مشهور وروي ذلك عن مجاهد أولاً يأملون الأوقات التي وقتها الله تعالى لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها، والآية قيل نزلت قبل آية القتال ثم نسخت بها.
وقال بعضهم : لا نسخ لأن المراد هنا ترك النزاع في المحقرات والتجاوز عن بعض ما يؤذي ويوحش، وحكى النحاس.
والمهدوي عن ابن عباس أنها نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه ستمه مشرك بمكة قبل الهجرة فهم أن يبطش به فنزلت وروي ذلك عن مقاتل وهذا ظاهر في كونها مكية كاخواتها.