وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ حم ﴾
قد تقدّم الكلام في هذه الفاتحة، وفي إعرابها، في فاتحة سورة " غافر "، وما بعدها، فإن جعل اسماً للسورة، فمحله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ، وإن جعل حروفاً مسرودة على نمط التعديد، فلا محلّ له، وقوله :﴿ تَنزِيلُ الكتاب ﴾ على الوجه الأوّل خبر ثان، وعلى الوجه الثاني خبر المبتدأ، وعلى الوجه الثالث خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ وخبره ﴿ مِنَ الله العزيز الحكيم ﴾ ثم أخبر سبحانه بما يدل على قدرته الباهرة، فقال :﴿ إِنَّ فِى السموات والأرض لآيات لّلْمُؤْمِنِينَ ﴾ أي : فيها نفسها، فإنها من فنون الآيات، أو في خلقها.
قال الزجاج : ويدلّ على أن المعنى في خلق السموات والأرض قوله :﴿ وَفِى خَلْقِكُمْ ﴾ أي : في خلقكم أنفسكم على أطوار مختلفة.
قال مقاتل : من تراب، ثم من نطفة إلى أن يصير إنساناً، ﴿ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ ءايات ﴾ أي : وفي خلق ما يبثّ من دابة، وارتفاع آيات على أنها مبتدأ مؤخر، وخبره الظرف قبله، وبالرفع قرأ الجمهور، وقرأ حمزة، والكسائي ( آيات ) بالنصب عطفاً على اسم إن، والخبر قوله :﴿ وَفِى خَلْقِكُمْ ﴾ كأنه قيل : وإن في خلقكم وما يبثّ من دابة آيات، أو على أنها تأكيد لآيات الأولى.
وقرأ الجمهور أيضاً ﴿ آيات لقوم يعقلون ﴾ بالرّفع، وقرأ حمزة، والكسائي بنصبها مع اتفاقهم على الجرّ في اختلاف، أما جرّ " اختلاف "، فهو على تقدير حرف الجرّ أي : في ﴿ َلَهُ اختلاف اليل والنهار ﴾ آيات، فمن رفع آيات، فعلى أنها مبتدأ، وخبرها : في اختلاف، وأما النصب فهو من باب العطف على معمولي عاملين مختلفين.
قال الفراء : الرفع على الاستئناف بعد إنّ، تقول العرب : إنّ لي عليك مالاً، وعلى أخيك مال، ينصبون الثاني ويرفعونه، وللنحاة في هذا الموضع كلام طويل.


الصفحة التالية
Icon