والبحث في مسألة العطف على معمولي عاملين مختلفين، وحجج المجوّزين له، وجوابات المانعين له مقرّر في علم النحو مبسوط في مطوّلاته.
ومعنى :﴿ مَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ ﴾ : ما يفرقه وينشره ﴿ واختلاف اليل والنهار ﴾ تعاقبهما، أو تفاوتهما في الطول والقصر، وقوله :﴿ وَمَا أَنَزَلَ الله مِنَ السماء مَّن رِزْقٍ ﴾ معطوف على اختلاف، والرزق : المطر ؛ لأنه سبب لكل ما يرزق الله العباد به، وإحياء الأرض : إخراج نباتها، و ﴿ مَوْتِهَا ﴾ : خلّوها عن النبات ومعنى ﴿ وَتَصْرِيفِ الرياح ﴾ : أنها تهب تارة من جهة وتارة من أخرى، وتارة تكون حارّة وتارة تكون باردة، وتارة نافعة، وتارة ضارّة ﴿ تِلْكَ آيات الله نَتْلُوهَا عَلَيْكَ ﴾ أي : هذه الآيات المذكورة هي حجج الله وبراهينه، ومحل :﴿ نتلوها عليك ﴾ النصب على الحال، ويجوز أن يكون في محل رفع على أنه خبر اسم الإشارة، وآيات الله بيان له، أو بدل منه، وقوله :﴿ بالحق ﴾ حال من فاعل نتلو، أو من مفعوله أي : محقين، أو ملتبسة بالحقّ، ويجوز أن تكون الباء للسببية، فتتعلق بنفس الفعل ﴿ فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ﴾ أي : بعد حديث الله وبعد آياته، وقيل إن المقصود : فبأي حديث بعد آيات الله، وذكر الاسم الشريف ليس إلاّ لقصد تعظيم الآيات، فيكون من باب : أعجبني زيد، وكرمه.
وقيل المراد : بعد حديث الله، وهو القرآن كما في قوله :﴿ الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث ﴾ [ الزمر : ٢٣ ]، وهو المراد بالآيات، والعطف لمجرّد التغاير العنواني.
قرأ الجمهور :( تؤمنون ) بالفوقية، وقرأ حمزة، والكسائي بالتحتية.
والمعنى : يؤمنون بأيّ حديث، وإنما قدّم عليه ؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام.
﴿ وَيْلٌ لّكُلّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴾ أي : لكل كذاب كثير الإثم مرتكب لما يوجبه، والويل : واد في جهنم.