وقرأ ابن كثير، وحفص، وابن محيصن بالرفع صفة لعذاب ﴿ الله الذى سَخَّرَ لَكُمُ البحر ﴾ أي : جعله على صفة تتمكنون بها من الركوب عليه ﴿ لِتَجْرِىَ الفلك فِيهِ بِأَمْرِهِ ﴾ أي : بإذنه وإقداره لكم ﴿ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ ﴾ بالتجارة تارة، والغوص للدرّ، والمعالجة للصيد وغير ذلك ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ أي : لكي تشكروا النعم التي تحصل لكم بسبب هذا التسخير للبحر ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى السموات وَمَا فِي الأرض جَمِيعاً مّنْهُ ﴾ أي : سخّر لعباده جميع ما خلقه في سماواته، وأرضه مما تتعلق به مصالحهم، وتقوم به معايشهم، ومما سخّره لهم من مخلوقات السموات : الشمس والقمر، والنجوم النيرات، والمطر والسحاب والرّياح، وانتصاب ﴿ جميعاً ﴾ على الحال من ﴿ ما في السموات وما في الأرض ﴾، أو تأكيد له، وقوله :﴿ منه ﴾ يجوز أن يتعلق بمحذوف هو صفة ل ﴿ جميعاً ﴾ أي : كائنة منه، ويجوز أن يتعلق بسخر، ويجوز أن يكون حالاً من ما في السموات، أو خبراً لمبتدأ محذوف، والمعنى : أن كل ذلك رحمة منه لعباده ﴿ إِنَّ فِى ذَلِكَ ﴾ المذكور من التسخير ﴿ لآيات لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ وخصّ المتفكرين ؛ لأنه لا ينتفع بها إلاّ من تفكر فيها، فإنه ينتقل من التفكر إلى الاستدلال بها على التوحيد.
﴿ قُل لّلَّذِينَ ءامَنُواْ يَغْفِرُواْ ﴾ أي : قل لهم اغفروا يغفروا ﴿ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ الله ﴾ وقيل : هو على حذف اللام، والتقدير : قل لهم ليغفروا.
والمعنى : قل لهم يتجاوزوا عن الذين لا يرجون وقائع الله بأعدائه، أي : لا يتوقعونها، ومعنى الرجاء هنا : الخوف، وقيل : هو على معناه الحقيقي.


الصفحة التالية
Icon