والمعنى : لا يرجون ثوابه في الأوقات التي وقّتها الله لثواب المؤمنين، والأوّل أولى، والأيام يعبر بها عن الوقائع كما تقدّم في تفسير قوله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله ﴾ [ إبراهيم : ٥ ] قال مقاتل : لا يخشون مثل عذاب الله للأمم الخالية، وذلك أنهم لا يؤمنون به، فلا يخافون عقابه.
وقيل المعنى : لا يأملون نصر الله لأوليائه وإيقاعه بأعدائه، وقيل : لا يخافون البعث.
قيل : والآية منسوخة بآية السيف ﴿ لِيَجْزِىَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ قرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي :( لنجزي ) بالنون أي : لنجزى نحن.
وقرأ باقي السبعة بالتحتية مبنياً للفاعل.
أي : ليجزي الله.
وقرأ أبو جعفر، وشيبة، وعاصم بالتحتية مبنياً للمفعول مع نصب قوماً، فقيل : النائب عن الفاعل مصدر الفعل، أي : ليجزى الجزاء قوماً، وقيل : إن النائب الجارّ والمجرور، كما في قول الشاعر :
ولو ولدت فقيرة جرو كلب... لسبّ بذلك الجرو الكلابا
وقد أجاز ذلك الأخفش، والكوفيون، ومنعه البصريون، والجملة لتعليل الأمر بالمغفرة، والمراد بالقوم : المؤمنون، أمروا بالمغفرة ليجزيهم الله يوم القيامة بما كسبوا في الدنيا من الأعمال الحسنة التي من جملتها الصبر على أذية الكفار، والإغضاء عنهم بكظم الغيظ واحتمال المكروه.
وقيل : المعنى : ليجزي الكفار بما عملوا من السيئات كأنّه قال : لا تكافئوهم أنتم لنكافئهم نحن، والأوّل أولى.
ثم ذكر المؤمنين وأعمالهم، والمشركين وأعمالهم، فقال :﴿ مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾ والمعنى : أن عمل كل طائفة من إحسان، أو إساءة لعامله لا يتجاوزه إلى غيره، وفيه ترغيب وتهديد ﴿ ثُمَّ إلى رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ فيجازي كلاً بعمله إن كان خيراً فخير، وإن كان شرًّا فشرّ.