وعطف ﴿ ولعلكم تشكرون ﴾ على قوله :﴿ لتجري الفلك فيه ﴾ لا باعتبار ما اشتمل عليه إجمالاً، بل باعتبار لفظه في التعليق بفعله.
وهذا مناط سَوق هذا الكلام، أي لعلكم تشكرون فكفرتم، وتقدم نظير مفردات هذه الآية غير مرة ما أغنى عن إعادته.
وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ
هذا تعميم بعد تخصيص اقتضاه الاهتمام أولاً ثم التعميم ثانياً.
و﴿ ما في السموات وما في الأرض ﴾ عام مخصوص بما تحصل للناس فائدة من وجوده : كالشمس للضياء، والمطر للشراب، أو من بعض أحواله : كالكواكب للاهتداء بها في ظلمات البر والبحر، والشجر للاستظلال، والأنعام للركوب والحرث ونحو ذلك.
وأما ما في السماوات والأرض مما لا يفيد الناس فغير مراد مثل الملائكة في السماء والأهوية المنحبسة في باطن الأرض التي يأتي منها الزلزال.
وانتصب ﴿ جميعاً ﴾ على الحال من ﴿ ما في السموات وما في الأرض ﴾.
وتنوينه تنوين عوض عن المضاف إليه، أي جميع ذلك مثل تنوين ( كل ) في قوله :﴿ كلاً هدينا ﴾ [ الأنعام : ٨٤ ].
و( من ) ابتدائية، أي جميع ذلك من عند الله ليس لغيره فيه أدنى شركة.
وموقع قوله :﴿ منه ﴾ موقع الحال من المضاف إليه المحذوف المعوّض عنه التنوين أو من ضمير ﴿ جميعاً ﴾ لأنه في معنى مجموعاً.
﴿ مِّنْهُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لايات لِّقَوْمٍ ﴾.