فصل


قال الفخر :
﴿ حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) ﴾
فيه مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أن قوله ﴿حم، تنزيل الكتاب﴾ وجوهاً الأول : أن يكون ﴿حم﴾ مبتدأ و ﴿تَنزِيلُ الكتاب﴾ خبره وعلى هذا التقدير فلا بد من حذف مضاف، والتقدير تنزيل حم، تنزيل الكتاب، و ﴿مِنَ الله﴾ صلة للتنزيل الثاني : أن يكون قوله ﴿حم﴾ في تقدير : هذه حم ثم نقول ﴿تَنزِيلُ الكتاب﴾ واقع من الله العزيز الحكيم الثالث : أن يكون ﴿حم﴾ قسماً و ﴿تنْزِيل الكتاب﴾ نعتاً له، وجواب القسم ﴿إِنَّ فِي السموات﴾ والتقدير : وحم الذي هو تنزيل الكتاب أن الأمر كذا وكذا.
المسألة الثانية :
قوله ﴿العزيز الحكيم﴾ يجوز جعلهما صفة للكتاب، ويجوز جعلهما صفة لله تعالى، إلا أن هذا الثاني أولى، ويدل عليه وجوه الأول : أنا إذا جعلناهما صفة لله تعالى كان ذلك حقيقة، وإذا جعلناهما صفة للكتاب كان ذلك مجازاً والحقيقة أولى من المجاز الثاني : أن زيادة القرب توجب الرجحان الثالث : أنا إذا جعلنا العزيز الحكيم صفة لله كان ذلك إشارة إلى الدليل الدال على أن القرآن حق، لأن كونه عزيزاً يدل على كونه قادراً على كل الممكنات وكونه حكيماً يدل على كونه عالماً بجميع المعلومات غنياً عن كل الحاجات، ويحصل لنا من مجموع كونه تعالى : عزيزاً حكيماً كونه قادراً على جميع الممكنات، عالماً بجميع المعلومات، غنياً عن كل الحاجات، وكل ما كان كذلك امتنع منه صدور العبث والباطل، وإذا كان كذلك كان ظهور المعجز دليلاً على الصدق، فثبت أنا إذا جعلنا كونه عزيزاً حكيماً صفتين لله تعالى يحصل منه هذه الفائدة، وأما إذا جعلناهما صفتين للكتاب لم يحصل منه هذه الفائدة، فكان الأول أولى، والله أعلم.
ثم قال تعالى :﴿إِنَّ فِي السموات والأرض لآيات لّلْمُؤْمِنِينَ﴾ وفيه مباحث :


الصفحة التالية
Icon