وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا بني إِسْرَائِيلَ الكتاب ﴾
يعني التوراة.
﴿ والحكم والنبوة ﴾ الحكم : الفهم في الكتاب.
وقيل : الحكم على الناس والقضاء.
"والنُّبُوّةَ" يعني الأنبياء من وقت يوسف عليه السلام إلى زمن عيسى عليه السلام.
﴿ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ الطيبات ﴾ أي الحلال من الأقوات والثمار والأطعمة التي كانت بالشام.
وقيل : يعني المَنّ والسَّلْوَى في التِّيه.
﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى العالمين ﴾ أي على عالَمِي زمانهم ؛ على ما تقدّم في "الدخان" بيانه.
﴿ وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الأمر ﴾ قال ابن عباس : يعني أمر النبيّ ﷺ، وشواهد نبوّته بأنه يهاجر من تِهامة إلى يَثْرِب، وينصره أهل يثرب.
وقيل : بيّنات الأمرِ شرائعُ واضحات في الحلال والحرام ومعجزات.
﴿ فَمَا اختلفوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ العلم ﴾ يريد يُوشَع بن نُون ؛ فآمن بعضهم وكفر بعضهم ؛ حكاه النقاش.
وقيل :"إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ" نبوّة النبيّ ﷺ فاختلفوا فيها.
﴿ بَغْياً بَيْنَهُمْ ﴾ أي حسداً على النبيّ ﷺ ؛ قال معناه الضحاك.
قيل : معنى "بَغْياً" أي بغى بعضهم على بعض يطلب الفضل والرياسة، وقتلوا الأنبياء ؛ فكذا مشركو عصرك يا محمد، قد جاءتهم البيّنات ولكن أعرضوا عنها للمنافسة في الرياسة.
﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بِيْنَهُمْ ﴾ أي يحكم ويفصِل.
﴿ يَوْمَ القيامة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ في الدنيا.
ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨)
فيه مسألتان :
الأولى قوله تعالى :﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ على شَرِيعَةٍ مِّنَ الأمر ﴾ الشريعة في اللغة : المذهب والمِلّة.
ويقال لمشرعة الماء وهي مورد الشاربة : شريعة.
ومنه الشارع لأنه طريق إلى المقصد.