فالشريعة : ما شرع الله لعباده من الدين ؛ والجمع الشرائع.
والشرائع في الدين : المذاهب التي شرعها الله لخلقه.
فمعنى :"جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ اْلأَمْرِ" أي على منهاج واضح من أمر الدين يشرع بك إلى الحق.
وقال ابن عباس :"عَلَى شَرِيعَةٍ" أي على هدًى من الأمر.
قتادة : الشريعة الأمر والنهي والحدود والفرائض.
مقاتل : البيّنة ؛ لأنها طريق إلى الحق.
الكلبي : السُّنة ؛ لأنه يُستن بطريقة مَن قبله من الأنبياء.
ابن زيد : الدِّين ؛ لأنه طريق النجاة.
قال ابن العربي : والأمر يرِد في اللغة بمعنيين : أحدهما بمعنى الشأن كقوله :﴿ فاتبعوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ﴾ [ هود : ٩٧ ].
والثاني أحد أقسام الكلام الذي يقابله النهي.
وكلاهما يصح أن يكون مراداً هاهنا ؛ وتقديره : ثم جعلناك على طريقة من الدين وهي ملّة الإسلام ؛ كما قال تعالى :﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ اتبع مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المشركين ﴾ [ النحل : ١٢٣ ].
ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح، وإنما خالف بينهما في الفروع حسبما علمه سبحانه.
الثانية قال ابن العربي : ظن بعض من يتكلم في العلم أن هذه الآية دليل على أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا ؛ لأن الله تعالى أفرد النبيّ ﷺ وأمته في هذه الآية بشريعة، ولا ننكر أن النبي ﷺ وأمته منفردان بشريعة، وإنما الخلاف فيما أخبر النبي ﷺ عنه من شرع من قبلنا في معرض المدح والثناء هل يلزم اتباعه أم لا.
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ يعني المشركين.
وقال ابن عباس : قُريظة والنَّضِير.
وعنه : نزلت لما دعته قريش إلى دين آبائه.