اختلفوا في المراد بقوله ﴿مَّحْيَاهُمْ ومماتهم﴾ قال مجاهد عن ابن عباس يعني أحسبوا أن حياتهم ومماتهم كحياة المؤمنين وموتهم، كلا فإنهم يعيشون كافرين ويموتون كافرين والمؤمنون يعيشون مؤمنين ويموتون مؤمنين، وذلك لأن المؤمن ما دام يكون في الدينا فإنه يكون وليه هو الله وأنصاره المؤمنون وحجة الله معه، والكافر بالضد منه، كما ذكره في قوله ﴿وَإِنَّ الظالمين بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ﴾ وعند القرب إلى الموت، فإن حال المؤمن ما ذكره في قوله تعالى :﴿الذين تتوفاهم الملائكة طَيّبِينَ يَقُولُونَ سلام عَلَيْكُمُ ادخلوا الجنة﴾ [ النمل : ٣٢ ] وحال الكافر ما ذكره في قوله :﴿الذين تتوفاهم الملائكة ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ﴾ [ النحل : ٢٨ ] وأما في القيامة فقال تعالى :﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضاحكة مُّسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ [ عبس : ٣٨ ٤١ ] فهذا هو الإشارة إلى بيان وقوع التفاوت بين الحالتين والوجه الثاني : في تأويل الآية أن يكون المعنى إنكار أن يستووا في الممات كما استووا في الحياة، وذلك لأن المؤمن والكافر قد يستوي محياهم في الصحة والرزق والكفاية بل قد يكون الكافر أرجح حالاً من المؤمن، وإنما يظهر الفرق بينهما في الممات والوجه الثالث : في التأويل أن قوله ﴿سَوَاء مَّحْيَاهُمْ ومماتهم﴾ مستأنف على معنى أن محيا المسيئين ومماتهم سواء فكذلك محيا المسحنين ومماتهم، أي كل يموت على حسب ما عاش عليه، ثم إنه تعالى صرح بإنكار تلك التسوية فقال :﴿سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾ وهو ظاهر.
وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٢)