وذكر ابن المبارك أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرّة عن أبي الضّحا عن مسروق قال : قال رجل من أهل مكة : هذا مقام تميم الداري، لقد رأيته ذات ليلة حتى أصبح أو قرب أن يُصبح يقرأ آية من كتاب الله ويركع ويسجد ويبكي ﴿ أَمْ حَسِبَ الذين اجترحوا السيئات أَن نَّجْعَلَهُمْ كالذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ الآية كلها.
وقال بشير : بِتّ عند الربيع بن خيثم ذات ليلة فقام يصلي فمرّ بهذه الآية فمكث ليله حتى أصبح لم يَعْدُها ببكاء شديد.
وقال إبراهيم بن الأشعث : كثيراً ما رأيت الفُضيل بن عياض يردّد من أوّل الليل إلى آخره هذه الآية ونظيرها، ثم يقول : ليت شعري! من أي الفريقين أنت؟ وكانت هذه الآية تسمى مبكاة العابدين لأنها محكمة.
قوله تعالى :﴿ وَخَلَقَ الله السماوات والأرض بالحق ﴾ أي بالأمر الحق.
﴿ ولتجزى ﴾ أي ولكي تجزى.
﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ أي في الآخرة.
﴿ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾.
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٣)
قال ابن عباس والحسن وقتادة : ذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه ؛ فلا يهوى شيئاً إلا ركبه.
وقال عكرمة : أفرأيت من جعل إلهه الذي يعبده ما يهواه أو يستحسنه ؛ فإذا استحسن شيئاً وهَوِيَهُ اتخذه إلها.
قال سعيد بن جُبير : كان أحدهم يعبد الحجر ؛ فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى به وعبد الآخر.
وقال مقاتل : نزلت في الحارث بن قيس السهمي أحد المستهزئين، لأنه كان يعبد ما تهواه نفسه.
وقال سفيان بن عيينة : إنما عبدوا الحجارة لأن البيت حجارة.
وقيل : المعنى أفرأيت من ينقاد لهواه ومعبوده تعجيباً لذوي العقول من هذا الجهل.
وقال الحسن بن الفضل : في هذه الآية تقديم وتأخير، مجازه : أفرأيت من اتخذ هواه إلهه.