﴿ وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ﴾ أي طبع على سمعه حتى لا يسمع الوعظ، وطبع على قلبه حتى لا يفقه الهدي.
﴿ وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً ﴾ أي غطاء حتى لا يبصر الرشد.
وقرأ حمزة والكسائي "غَشْوة" بفتح الغين من غير ألف، وقد مضى في "البقرة".
وقال الشاعر :
أما والذي أنا عبدٌ له...
يَميناً وما لَك أبدي اليمينا
لئن كنت ألبستني غَشْوة...
لقد كنت أصفيتك الوُدّ حينا
﴿ فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله ﴾ أي من بعد أن أضله.
﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ تتعظون وتعرفون أنه قادر على ما يشاء.
وهذه الآية ترد على القدرية والإمامية ومن سلك سبيلهم في الاْعتقاد ؛ إذ هي مصرحة بمنعهم من الهداية.
ثم قيل :"وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ" إنه خارج مخرج الخبر عن أحوالهم.
وقيل : إنه خارج مخرج الدعاء بذلك عليهم ؛ كما تقدّم في أوّل "البقرة".
وحكى ابن جريج أنها نزلت في الحارث بن قيس من الغياطلة.
وحكى النقاش أنها نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف.
وقال مقاتل : نزلت في أبي جهل، وذلك أنه طاف بالبيت ذات ليلة ومعه الوليد بن المغيرة ؛ فتحدّثا في شأن النبيّ ﷺ، فقال أبو جهل : والله إني لأعلم أنه لصادق! فقال له مَه! وما دلّك على ذلكا؟ قال : يا أبا عبد شمس، كنا نسميه في صباه الصادق الأمين ؛ فلما تمّ عقله وكَمُل رشده، نسمّيه الكذاب الخائن والله إني لأعلم أنه لصادق! قال : فما يمنعك أن تصدّقه وتؤمن به؟ قال : تتحدّث عني بنات قريش أني قد اتبعت يتيم أبي طالب من أجل كسرة، واللات والعُزّى إن اتبعته أبداً.
فنزلت :﴿ وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon