وقوله تعالى :﴿ قل للذين آمنوا يغفروا ﴾ الآية، آية نزلت في صدر الإسلام، أمر الله المؤمنين فيها أن يتجاوزوا عن الكفار وأن لا يعاقبوهم بذنب، بل يأخذون أنفسهم بالصبر، قاله محمد بن كعب القرظي والسدي. قال أكثر الناس : وهذه آية منسوخة بآية القتال وقالت فرقة : الآية محكمة، والآية تتضمن الغفران عموماً، فينبغي أن يقال : إن الأمور العظام كالقتل والكفر مجاهرة ونحو ذلك قد نسخ غفرانه آية السيف والجزية وما أحكمه الشرع لا محالة، وإن الأمور المحقرة كالجفاء في القول ونحو ذلك يحتمل أن يتقى محكمه، وأن يكون العفو عنها أقرب إلى التقوى. وقال ابن عباس لما نزلت :﴿ من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً ﴾ [ البقرة : ٢٤٥ ] قال فنحاص اليهودي. احتاج رب محمد، فأخذ عمر سيفه ومر ليقتله، فرده رسول الله ﷺ وقال :" إن ربك يقول :﴿ قل للذين آمنوا ﴾ " الآية، فهذا احتجاج بها مع قدم نزولها. وقد ذكر مكي وغيره أنها نزلت بمكة في عمر رضي الله عنه لما أراد أن يبطش بمشرك شتمه. وأما الجزم في قوله :﴿ يغفروا ﴾ فهو جواب شرط مقدر تقديره : قل اغفروا فإن يجيبوا يغفروا.
وأخصر عندي من هذا أن ﴿ قل ﴾ هي بمثابة : أندب المؤمنين إلى الغفر.