وقوله :﴿ أيام الله ﴾ قالت فرقة معناه : أيام إنعامه ونصره وتنعيمه في الجنة وغير ذلك، ف ﴿ يرجون ﴾ على هذا هو من بابه. وقال مجاهد :﴿ أيام الله ﴾ تعالى هي أيام نقمه وعذابه، ف ﴿ يرجون ﴾ على هذا هي التي تتنزل منزلة يخافون، وإنما تنزلت منزلتها من حيث الرجاء والخوف متلازمان لا تجد أحدهما إلا والآخر معه مقترن، وقد تقدم شرح هذا غير مرة، وقرأ جمهور القراء " ليجزي " بالياء على معنى : ليجزي الله. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي والأعمش وأبو عبد الرحمن وابن وثاب :" لنجزي " بالنون. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع بخلاف عنه " ليُجزَى " على بناء الفعل للمفعول " قوماً "، وهذا على أن يكون التقدير : ليجزي الجزاء قوماً، وباقي الآية وعيد.
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥)
لما تقرر في التي قبل هذه أن الله يجزي قوماً بكسبهم ويعاقبهم بذنوبهم واجترامهم، أكد ذلك بقوله تعالى :﴿ من عمل صالحاً فلنفسه ﴾.
وقوله :﴿ فلنفسه ﴾ هي لام الحظ، لأن الحظوظ والمحاب إنما يستعمل فيها اللام التي هي كلام الملك، تقول الأمور لزيد متأتية، وتستعمل في ضد ذلك على، فتقول : الأمور على فلان مستصعبة، وتقول : لزيد مال وعليه دين، وكذلك جاء العمل الصالح في هذه الآية باللام والإشارة ب " على ".
وقوله تعالى :﴿ ثم إلى ربكم ترجعون ﴾ معناه إلى قضائه وحكمه، و﴿ الكتاب ﴾ في قوله :﴿ آتينا بني إسرائيل الكتاب ﴾ هو التوراة. ﴿ والحكم ﴾ هو السنة والفقه، فيقال إنه لم يتسع فقه الأحكام على لسان نبي ما اتسع على لسان موسى عليه السلام :﴿ والنبوءة ﴾ هي ما تكرر فيهم من الأنبياء.


الصفحة التالية
Icon