وقوله تعالى :﴿ ورزقناهم من الطيبات ﴾ يعني المستلذات الحلال، وبهذين تتم النعمة ويحسن تعديدها، وهذه إشارة إلى المن والسلوى، وطيبات الشام بعد، إذ هي الأرض المباركة، وقد تقدم القول في معنى ﴿ الطيبات ﴾، وتلخيص قول مالك والشافعي في ذلك.
وقوله تعالى :﴿ على العالمين ﴾ يريد على عالم زمانهم. والبينات من الأمر : هو الوحي الذي فصلت لهم به الأمور.
ثم أوضح تعالى خطأهم وعظمه بقوله :﴿ فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ﴾ وذلك أنهم لو اختلفوا اجتهاداً في طلب صواب لكان لهم عذر في الاختلاف، وإنما اختلفوا بغياً وقد تبينوا الحقائق، ثم توعدهم تعالى بوقف أمرهم على قضائه بينهم يوم القيامة.
ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨)
المعنى :﴿ ثم جعلناك على شريعة ﴾، فلا محالة أنه سيختلف عليك كما تقدم لبني إسرائيل فاتبع شريعتك، والشريعة في كلام العرب : الموضع الذي يرد فيه الناس في الأنهار والمياه ومنه قول الشاعر :[ البسيط ].
وفي الشرائع من جلان مقتنص... رث الثياب خفيّ الشخص منسرب
فشريعة الدين هي من ذلك، كأنها من حيث يرد الناس أمر الحدود ورحمته والقرب منه. وقال قتادة : الشريعة : الفرائض والحدود والأمر والنهي.


الصفحة التالية
Icon