وقوله :﴿ أولئك ﴾ رد على لفظ كل أفاك، لأنه اسم جنس له الصفات المذكورة بعد قوله :﴿ من ورائهم جهنم ﴾ قال فيه بعض المفسرين معناه : من أمامهم، وهذا نحو الخلاف الذي في قوله تعالى :﴿ وكان وراءهم ملك ﴾ [ الكهف : ٧٩ ] ولحظ قائل هذه المقالة الأمر من حيث تأول أن الإنسان كأنه من عمره يسير إلى جنة أو نار، فهما أمامه، وليس لفظ الوراء في اللغة كذلك، وإنما هو ما يأتي خلف الإنسان، وإذا اعتبر الأمر بالتقدم أو التأخر في الوجود، على أن الزمان كالطريق للأشياء استقام الأمر، فما يأتي بعد الشيء في الزمان فهو وراءه، فكأن الملك وأخذه السفينة وراء ركوب أولئك إياها، وجهنم وإحراقها للكفرة يأتي بعد كفرهم وأفعالهم، وهذا كما تقول : افعل كذا وأنا من ورائك عضداً، وكما تقول ذلك على التهديد، أنا من وراء التقصي عليك، ونحو هذا. وقوله تعالى :﴿ ولا ما اتخذوا ﴾ يعني بذلك الأوثان.
وقوله تعالى :﴿ هذا هدى ﴾ إشارة إلى القرآن.
وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص :" أليمٌ " على النعت ل ﴿ عذاب ﴾ وهي قراءة ابن محيصن وابن مصرف وأهل مكة. وقرأ الباقون :" أليمٍ " على النعت ل ﴿ رجز ﴾ وهي قراءة الحسن وأبي جعفر وشيبة وعيسى والأعمش. والرجز : أشد العذاب.
وقوله :﴿ لهم عذاب ﴾ بمنزلة قولك : لهم حظ، فمن هذه الجهة ومن جهة تغاير اللفظتين حسن قوله :﴿ عذاب من رجز ﴾ إذ الرجز هو العذاب. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٥ صـ ﴾