قال الربيع : وكان الشافعي رضي الله عنه يقرأ في كل شهر ثلاثين ختمة وفي كل شهر رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلوات واعلم أن الراحة لا تنال بالراحة ومعالي الأمور لا تنال بالفتور ومن زرع حصد ومن جد وجد
لله در أقوام شغلهم تحصيل زادهم عن أهاليهم وأولادهم ومال بهم ذكر المآل عن المال في معادهم وصاحت بهم الدنيا فما أجابوا شغلا بمرادهم وتوسدوا أحزانهم بدلا عن وسادهم واتخذوا الليل مسلكا لجهادهم واجتهادهم وحرسوا جوارحهم من النار عن غيهم وفسادهم فيا طالب الهوى جز بناديهم ونادهم :
( أحيوا فؤادي ولكنهم... على صيحة من البين ماتوا جميعا )
( حرموا راحة النوم أجفانهم... ولفوا على الزفرات الضلوعا )
( طوال السواعد شم الأنوف... فطابوا أصولا وطابوا فروعا )
أقبلت قلوبهم ترعى حق الحق فذهلت بذلك عن مناجاة الخلق فالأبدان بين أهل الدنيا تسعى والقلوب في رياض الملكوت ترعى نازلهم الخوف فصاروا والهين وناجاهم الفكر فعادوا خائفين وجن عليهم الليل فباتوا ساهرين وناداهم منادي الصلاح حي على الفلاح فقاموا متجدهين وهبت عليهم ريح الأسحار فتيقظوا مستغفرين وقطعوا بند المجاهدة فأصبحوا واصلين فلما رجعوا وقت الفجر بالأجر بادى الهجر يا خيبة النائمين
أهـ ﴿الياقوتة صـ ٥٧﴾


الصفحة التالية
Icon