قوله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
قال البقاعى :
ولما كانت الصلاة لا تقوم إلا بالصبر اقتصر على التعليل به فقال :﴿إن الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿مع الصابرين﴾ أي ومعلوم أن من كان الله سبحانه وتعالى معه فاز. قال الحرالي : وأيسر الصبر صبر النفس عن كسلها بأخذها بالنشاط فيما كلفت به ﴿لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها﴾ [الطلاق : ٧] و﴿لا يكلف الله نفساً إلا وسعها﴾ [البقرة : ٢٨٦] فمتى يسر الله سبحانه وتعالى عليها الجد والعزيمة جعل لها فيما كانت تصبر عليه في الابتداء الاستحلاء فيه وخفت عنها وظيفة الصبر، ومتى لم تصبر عن كسلها وعلى جدها تدنست فنالها عقوبات يكون الصبر عليها أشد من الصبر الأول، كما أن من صبر عن حلو الطعام لم يحتج أن يصبر على مر الدواء، فإن تحملت الصبر على عقوبات ضياع الصبر الأول تداركها نجاة من اشتداد العقوبة عليها، وإن لم تتصبر على تلك العقوبات وقعت في مهالك شدائد العذاب فقيل لأهلها ﴿فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم﴾ [الطور : ١٦] ثم قال : فبداية الدين صبر وخاتمته يسر، فإن من كان الله سبحانه وتعالى معه رفع عنه مرارة الصبر بوضع حلاوة الصحبة التي تشعر بها كلمة مع - انتهى. ﴿نظم الدرر حـ ١صـ ٢٧٧ ـ ٢٧٨﴾
سؤال : إن قيل لم قال ﴿إن الله مع الصابرين﴾ ولم يقل مع المصلين وقال فى الآية الأخرى ﴿واستعينوا بالصبر والصلوة وإنها لكبيرة﴾ فاعتبر الصلاة دون الصبر ؟
قيل لما كان فعل الصلاة أشرف وأعلى من الصبر إذ قد ينفك الصبر عن الصلاة ولا تنفك الصلاة عن الصبر ذكر هاهنا الصابرين فمعلوم أنه تعالى إذا كان مع الصابرين فهو لا محالة يكون مع المصلين بطريق الأولى وقال هناك لكبيرة فذكر الصلاة دون الصبر تنبيها على أنها أشرف منزلة من الصبر. أ هـ ﴿روح البيان حـ ١ صـ ٣٢١﴾.
فائدة
المعيّة على قسمين :
أحدهما : معيّة عامة، وهي المعية بالعلم والقدرة، وهذه عامة في حق كل أحد.


الصفحة التالية
Icon