قال : وجمهور العلماء على أنهم في الجَنَّة ؛ ويؤيِّده قولُ النبيِّ ـ ﷺ ـ لأمِّ حَارِثَةَ :" إِنَّهُ فِي الفِرْدَوْسِ الأعلى".
وقال مجاهد : هم خارجُ الجَنَّةِ ويعلَّقون من شجرِهَا، وفي " مختصر الطبريِّ"، قال : ونهى عزَّ وجَلَّ أنْ يقال لِمَنْ يقتلُ في سبيلِ اللَّهِ أمْوَاتٌ، وأعْلَمَ سبحانه أنهم أحياءٌ، ولكنْ لا شعورَ لَنَا بذلك ؛ إذ لا نُشَاهِدُ باطنَ أمرهم، وخُصُّوا مِنْ بين سائر المُؤمنين، بأنهم في البَرْزَخِ يرزَقُون من مطاعِم الجَنَّة ما يُرْزَقُ المؤمنون من أهْل الجنة على أنه قد ورد في الحديثِ :" إِنَّمَا نَسَمَةُ المُؤْمِنِ طَائِرٌ يُعَلَّقُ فِي شَجَرِ الجَنَّةِ "، ومعنى :" يُعَلَّق" : يأكل ؛ ومنه قوله : ما ذقْتُ عَلاقاً، أي : مأكلاً، فقد عم المؤمنين ؛ بأنهم يرزقُونَ في البرزخ من رزق الجنة، ولكن لا يمتنعُ أن يخصَّ الشهداء من ذلك بقَدْر لا يناله غيرهم، واللَّه أعلم. انتهى.
وروى النسائيُّ أن رجلاً قال :" يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَالُ المُؤْمِنِينَ يُفْتَنُون فِي قُبُورِهِمُ إِلاَّ الشَّهِيدَ ؟ قَالَ : كفى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ على رَأْسِهِ فِتْنَةً " انتهى.
، وحديثُ :" إِنَّمَا نَسَمَةُ المُؤْمِنِ طَائِرٌ " خرَّجه مالك رحمه اللَّه. قال الدَّاووديُّ : وحديث مالكٍ، هذا أصحُّ ما جاء في الأرواح، والذي روي أنها تجعل في حواصِلِ طيرٍ لا يصحُّ في النقل. انتهى.
قال أبو عُمَرَ بْنُ عبْدِ البَرِّ في " التمهيد" : والأشبه قولُ من قال : كَطَيْرٍ أو كصُوَرِ طيرٍ ؛ لموافقته لحديثِ " الموطَّإ"، هذا وأسند أبو عمر هذه الأحاديثَ، ولم يذكر مطعناً في إسنادها. انتهى. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ١صـ ١٢٢﴾.
قوله تعالى ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾