ولما تبين أحكام فعله ومضى ما يريد من ربطه وحله حثهم على لزوم هذه القبلة محذراً من مخالفته في شيء من الأشياء فقال :﴿واخشوني﴾ ثم عطف على علة الاستقبال قوله :﴿ولأتم﴾ أي بهذا الدين المفيد لعز الدارين ونعيمها الذي من جملته هذا الاستقبال ﴿نعمتي عليكم﴾ بالتمكين من الحجج وغيره من أمور الدين حين أنزل عليكم آية
﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ [ المائدة : ٣ ] كما أتممتها على إبراهيم خليلي صاحب هذا البيت الذي وجهتكم إليه.
قال الحرالي : وفي طيه بشرى بفتح مكة واستيلائه على جزيرة العرب كلها وتمكنه بذلك من سائر أهل الأرض لاستغراق الإسلام لكافة العرب الذين فتح الله بهم له مشارق الأرض ومغاربها التي انتهى إليها ملك أمته - انتهى.
﴿ولعلكم تهتدون﴾ أي ولتكونوا على رجاء عند أنفسكم ومن يراكم ممن لا يعلم العواقب من أن تهتدوا إلى الثبات على هذه القبلة وغيرها من أمر هذا الدين سبب خشيتي فإنها جالبة لكل خير ودافعة لكل ضير.
قال الحرالي : وفي كلمة ﴿لعل﴾ على ما تقدم إبهام يشعر بتصنيفهم صنفين : مهتد للثبات على السنة، ومتغير فيه بوجه من وجوه البدعة، لما ذكر من أن ما هو للخلق تردد فهو من الحق تقسيم وإبهام في تعيين ذلك التقسيم والتصنيف، ففيه إعلام لقوم بالاهتداء الدائم بما تفهمه صيغة الدوام وإشعار بانقطاع قوم عن ذلك التمادي بما يفهمه ما هو للخلق بموضع الترجي، وفي طيه إشعار باستبدادهم بالأمر بعد وفاة النبي ﷺ وانقسامهم فيه بين ثابت عليه دائم الاهتداء فيه ومتغير عنه كما ظهر فيما كان من ثبات من ثبت بعده وردة من ارتد - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٢٧٢ ـ ٢٧٤﴾


الصفحة التالية
Icon