قوله تعالى :﴿وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.
سؤال : إن قلت : هذا تكرار لأن الهداية من جملة (النعم) ؟
قلنا : المراد النعم الآتية من عند الله تعالى لا تسبب فيها للمكلف بخلاف الهداية والضلال فإن له (فيها كسبا وأرادة). أ هـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ٢ صـ ٤٦٦﴾
وقال السعدى ـ رحمه الله ـ :
﴿وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ أي : تعلمون الحق، وتعملون به، فالله تبارك وتعالى - من رحمته - بالعباد، قد يسر لهم أسباب الهداية غاية التيسير، ونبههم على سلوك طرقها، وبينها لهم أتم تبيين، حتى إن من جملة ذلك أنه يقيض للحق، المعاندين له فيجادلون فيه، فيتضح بذلك الحق، وتظهر آياته وأعلامه، ويتضح بطلان الباطل، وأنه لا حقيقة له، ولولا قيامه في مقابلة الحق، لربما لم يتبين حاله لأكثر الخلق، وبضدها تتبين الأشياء، فلولا الليل، ما عرف فضل النهار، ولولا القبيح، ما عرف فضل الحسن، ولولا الظلمة ما عرف منفعة النور، ولولا الباطل ما اتضح الحق اتضاحا ظاهرا، فلله الحمد على ذلك. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ٧٣﴾
لطيفة لغوية
قال الإمام الثعلبى ـ رحمه الله ـ :
﴿وَلَعَلَّكُمْ﴾ في لعلّ ست لغات : علّ ولعلّ ولعنّ وعنّ ولعّا.
ولها ستة أوجه هي من الله عزّ وجلّ واجب،
ومن النّاس على معاني قد تكون بمعنى الاستفهام كقول القائل : لعلّك فعلت ذلك مستفهماً.
وتكون بمعنى الظّن كقول القائل : قدم فلان فردّ عليه الرّاد : لعلّ ذلك.
بمعنى أظنّ وأرى ذلك.
وتكون بمعنى الإيجاب بمنزلة ما أخلقه كقوله : قد وجبت الصّلاة فيرد الرّاد : لعلّ ذلك أي ما أخلقه.
وأنشد الفرّاء :
لعلّ المنايا مرّة ستعود
وآخر عهد الزائرين جديد
وتكون بمعنى الترجّي والتمنّي كقولك : لعلّ الله أن يرزقني مالاً،
ولعلّني أحجّ.
وأنشد الفرّاء :
لعلّي في هدى أفي وجودي
وتقطيعي التنوقة واختيالي
سيوشك أن يتيح إلى كريم
ينالك بالذّرى قبل السؤال
ويكون بمعنى عسى تكون ما يراد ولا يكون كقوله :﴿يا هامان ابن لي صرحاً لعلّي أبلغ الأسباب﴾. أي عسى أبلغ.


الصفحة التالية
Icon