وقال أبو داود :
فأبلوني بليتكم لعلّي
أُصالحكم واستدرج نويا
أي نواي ويكون بمعنى كي على الجزاء كقوله :﴿انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾ بمعنى لكي يفقهوا ونظائرها كثيرة وقوله :﴿وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ أي لكي تهتدوا من الضّلالة. أهـ ﴿الكشف والبيان حـ ٢ صـ ١٨﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى آيات القبلة
قوله جلّ ذكره :﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ﴾.
كما تستقبلون أينما كنتم القِبْلَة - قَرُبتُم منها أم بَعُدْتُم - فكذلك أَقْبَلُوا علينا بقلوبكم كيفما كنتم، حَظَيتم منا أو مُنِيتُم.
قوله جلّ ذكره :﴿وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾.
إذا أردت ألا يكون لأحد عليك سبيلٌ، ولا يقع لمخلوق عليك ظِلٌّ، ولا تصل إليك بالسوءِ يَدٌ، فحيثما كنتَ وأينما كنتَ وكيفما كنت كن لَنَا وكُن مِنّا، فإِنَّ من انقطع إلينا لا يتطرق إليه حدثان.
قوله جلّ ذكره :﴿وَلأُتِمَّ نِعْمَتِى عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.
إتمام النعمة إضافة الكشف إلى اللطف، فإن من كفاه بمقتضى جوده دون من أغناه بحق وجوده، وفي معناه أنشدوا :
نحن في أكمل السرورِ ولكنْ... ليس إلا بكم يَتمُّ السرور
عيبُ ما نحن فيه - يا أهلَ وُدِّي -... أنّكم غُيَّبٌ ونحن الحُضُور. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ١٣٦﴾
فوائد
قال السعدى ـ رحمه الله ـ :
وكان صرف المسلمين إلى الكعبة، مما حصلت فيه فتنة كبيرة، أشاعها أهل الكتاب، والمنافقون، والمشركون، وأكثروا فيها من الكلام والشبه، فلهذا بسطها الله تعالى، وبينها أكمل بيان، وأكدها بأنواع من التأكيدات، التي تضمنتها هذه الآيات.