ونقل عن ابن مجاهد أنه قرأ :" إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا " وجعل " إلى " حرف جر متأولاً لذلك بأنها بمعنى " مع "، والتقدير : لئلا يكون للناس عليكم حجة مع الذين، والظاهر أن هذا الراوي وقع في سمعه " إلا الذين " بتخفيف " إلاَ " فاعتقد ذلك فيها، وله نظائر مذكورة عندهم.
و" منهم " في محل نصب على الحال فيتعلّق بمحذوف، ويحتمل أن تكون " من " للتبعيض، وأن تكون للبيان. أ هـ
و" الخَشْية " : أصلها : طمأنينة في القلب تبعث على التوقي والخوف و" الخوف " : فزع في القلب تخف له الأعضاء، ولخفّة الأعضاء به يسمى خوفاً، ومعه التحقير لك من سوى الله تعالى، والأمر باطّراح أمرهم ومراعاة أمر الله تعالى.
قال بعضهم : الخوف أوّل المراتب، وهو الفزع، ثم بعده الوَجَل، ثم الخَشْية، ثم الرَّهْبة ].
قوله :" وَلأُتِمَّ " فيه أربعة أوجه :
أظهرها : أنه معطوف على قوله :" لِئَلاَّ يَكُونَ " كأن المعنى : عرفناكم وجه الصواب في قبلتكم، والحجة لكم لانتفاء حجج الناس عليكم، ولإتمام النعمة، فيكون التعريف معلّلاً بهاتين العلّتين :
[ إحداهما : لانقطاع حجّتهم عنه.
والثانية : لإتمام النعمة.
وقد بَيَّن مسلم الأصفهاني ما في ذلك من النعمة، وهو القوم كانوا يفتخرون باتباع إبراهيم في جميع ما يفعلون، فلما حُوِّل - عليه الصلاة والسلام - إلى " بيت المقدس " لحقهم ضعف قلب، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يحب التحوّل إلى الكعبة، لما فيها من شرف البُقْعة، فهذا موضع النعمة ]، والفصل بالاستثناء وما بعده كَلاَ فَصْلٍ إذ هو من متعلق العلة الأولى.
الثاني : أنه معطوف على علّة محذوفة، وكلاهما [ معلولها ] الخشية السابقة فكأنه قيل : واخشوني [ لأوفقكم ] ولأتم نعمتي عليكم.
الثالث : أنه متعلّق بفعل محذوف مقدر بعده تقديره : وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ عرفتكم أمر قبلتكم ".


الصفحة التالية
Icon