اعلم أن ذكر اللَّه تعالى أفضل العبادات لأن اللَّه تعالى جعل لسائر العبادات مقدار وجعل لها أوقاتاً ولم يجعل لذكر اللَّه تعالى مقدار ولا وقتا وأمر بالكثرة بغير مقدار وهو قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّه ذِكْراً كَثِيراً﴾ يعني اذكروه في جميع الأحوال، وتفسير الذكر في الأحوال كلها أن العبد لا يخلو من أربعة أحوال : إما أن يكون في الطاعة، أو في المعصية، أو في النعمة، أو في الشدة، فإن في الطاعة فينبغي أن يذكر اللَّه تعالى بالتوفيق ويسأل منه القبول، وإن كان في المعصية فينبغي أن يدعو اللَّه بالامتناع ويسأله التوبة، وإن كان في النعمة يذكره بالشكر، وإن كان في الشدة يذكره بالصبر. واعلم أن في ذكر اللَّه تعالى خمس خصال محمودة، أولها أن فيه رضا اللَّه تعالى، والثاني أنه يزيد في الحرص على الطاعات، والثالث أن فيه حرزا من الشيطان إذا كان ذاكرا اللَّه تعالى، والرابع أن فيه رقة القلب، والخامس أن يمنعه من المعاصي، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. أ هـ ﴿تنبيه الغافلين صـ ٣٩٢﴾.
فائدة
قال بعضهم : الذِّكر فى القرآن على عشرين وجهًا :
الأَوّل : ذِكْر اللِّسان ﴿فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ﴾.
الثانى : ذِكْر بالقلب ﴿ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ﴾.
الثَّالث : بمعنى الوعظ ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى﴾.
الرّابع : بمعنى التوراة ﴿فَاسْئَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ﴾.
الخامس : بمعنى القرآن ﴿وَهذا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ﴾.
السّادس : بمعنى اللَّوح المحفوظ ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ﴾.
السَّابع : بمعنى رسالة الرّسول ﴿أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ أَى رسالة.


الصفحة التالية
Icon